محمد كاظم خضير
بعد طول مخاض وترقب ومتابعة لبورصة الأسماء التي تم تداولها لتكليفها تشكيل الحكومة، وآخرها عدنان الزرفي الذي كان المرشح الوحيد الذي لا بديل عنه، بعد أن قطع برهم صالح الشكّ باليقين هو أو لا أحد غيره والذي كان يحظى بتأييد قيادة سياسية ، غير أنه فاجأ الجميع وانسحب من سباق التكليف لأسباب باتت معروفة ومعلنة، ومنها على سبيل المثال فقدان الميثاقية الكتل التي رشحته بعد قنبلة أو طعنة سياسية المفاجئة.
انّ خروج عدنان الزرفي من حلبة السباق، جاء برداً وسلاماً على قصر السلام وقوى سياسية وازنة ومؤثرة في عمليتي التكليف والتأليف لأنه فتح باب الاستشارات النيابية على مصراعيه، وسهّل طريق الوصول الى القصر الجمهوري من دون الحاجة الى تأجيل الاستشارات، خوفاً من بروز تعقيدات جديدة غير محسوبة تعطل مسار التكليف أو تكون بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على المساعي المبذولة والآمال المعلقة لتشكيل الحكومة بأيّ ثمن لأن الحاجة الوطنية باتت ملحّة، علها تنجح في الإنقاذ أو تحول دون الانزلاق الى الانهيار الكلّي الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى.
مع أنّ أحداً لم يتوقع أن تؤجّل الاستشارات بعد أن طفح الكيل، ولأن الرئيس برهم صالح أصرّ على حصولها، بعدما أخذت القوى السياسية أو معظمها ما يكفي من الوقت والمماطلة للتوافق على اسم المكلف من دون قيود أو شروط مسبقة، ولكن من دون جدوى.
والمفاجئ أنه بعد اعتذار عدنان الزرفي ، لم تجد بعض القوى السياسية المؤثرة في عملية التكليف صعوبة، فكان رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي ، الذي لم يُذكر اسمه لا همساً ولا علناً في بداية الازمةلكن اللاعبين السياسيين الكبار تشاطروا وحافظوا على سرية اختيارهم بتركهم ورقته مستورة، بانتظار ما ستؤول اليه غربلة الأسماء وسياسة المقايضة، غير أنّ القوى التي من المفترض أن تكون داعمة للزرفي تخلت عنه مع ضربة قاضية، وتعاملت مع بعضها بكيدية ومكابرة وثأر، ترجمتها بتوجيه الاتهامات المتبادلة وبعبارات لا تليق بها وليس وقتها، خصوصاً أنّ البلد دخل في نفق الانهيار المزلزل سياسياً واقتصادياً ومالياً، حيث سدّت أمامها أفاق التعاون والتقارب. وهذا ما عكسته الاستشارات النيابية ، التي أفضت إلى التباين في المواقف والخيارات، بين تسمية مصطفى الكاظمي أو عدم تسمية أحد. ما يعني أنّ الحديث عن تعويم تحالف الفتح معدوم نهائياً ولم يعد هدفاً أو ملاذاً لأحد.
لكن لعملية التأليف كلام آخر، وقد يكون هو بيت القصيد، لأنّ مساره سيكون أكثر صعوبة وتعقيداً، خصوصاً إذا حاول أو أصرّ الرئيس المكلف ومن خلفه القوى السياسية على إشراك المكونات السياسية بتشكيل حكومة وحدة وطنية تكنوسياسية، وانْ كانت ضرورية لمصلحة البلد. فأمامها الكثير من العقد، التي لا يمكن فكفكتها بسهولة، ما يعني السقوط في مطبات وعثرات الخروج منها صعب.
ولكن الانتظار سيكون سيد الموقف والقرار. هل سيعتبر الرئيس المكلف أنّ أيّ حكومة تشكل دون الاخذ بمبادئ المحاصصة تعني خرق الميثاقية السياسية لكتل ويعتذر عن التأليف، أم سيلجأ إلى تشكيل حكومة من محاصصة مهما كانت التداعيات داخلياً وخارجياً؟خيارات تحتاج الى موقف وطني مسؤول، مع أنّ العراقيين يقبلون بأيّ حكومة تنقذهم قبل فوات الأوان.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha