المقالات

والسير على الجمر بلا نعال..!


طيب العراقي

 

أحداث ما بعد الأول من تشرين 2019، وما خلفته من تداعيات في العراق والمنطقة، توجها جندي الله "كورونا" بغزوته المباركة التي أحبطت كل شيء، بعدما أوقف عقارب الساعة عند لحظة خوف جماعي لكل البشر، الذين لم يستمعوا لتحذيره جل في علاه بقوله، { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ } [الحشر : 19]

أفرزت تلك الأحداث المتزاحمة، والتي لم تشهد مثلها حقبة من الزمن؛ على مر التأريخ حركة بتسارعها على جميع الصعد، فكان واقعنا الذي نحن فيه..واقع يتميز بإضطراب الرؤية، وضبابية المواقف، وفقدان البوصلة، والسير على الجمر بلا نعال..!

الرؤوس تدور بين واقعية الحدث وصواب التشخيص ودقة الهدف..! وفي العراق؛ وخصوصا بعد مصرع قادة الإنتصار، تعقد المشهد على بعضهم، فأضطربوا وتاهوا، أما خوفا وهلعا، أو لفقدان البصيرة، بعدما عمى بصرهم، دخان سيارة الشهيدين المحترقة، فلم يعد بإمكانهم إلا مد أذرعهم تلمسا للطريق!

بالمقابل كان تعقد المشهد على أخرين، يمثل نعمة ما بعدها من نعمة، فقد أيقنوا النصر النهائي آت لا محالة، خصوصا بعدما إتضحت المواقف بشكل جلي، وتحقق لكثير منهم صحة ما قاله الشاعر الشعبي العراقي الأصيل كاظم إسماعيل گاطع:

"هو طريقين العمر..

واحد مذلة ومزبلة تاريخ..

والثاني شمس..

واثنينهن يتلاگن ابحلگ الگبر

بات الموقف حرج ، وكانت الحاجة ماسة جدا، لأن تلملم قوى الخير أطراف ثيابها كي لا تحترق، وأن تنقذ ما يمكن إنقاذه، بعدما طُرح محمدتوفيق علاوي، بديلا عن عادل عبد المهدي، ولو قيض لعلاوي أن يمر، لذهب العراق نحو أن يصادره تيار سياسي واحد، سيتحول الى أوحد؛ في اللحظة التالية للتصويت بالثقة لعلاوي، ولذلك كان القرار الشجاع لتحالف الفتح ومن تشاطأ معه، بسحب البساط من تحت أقدام علاوي ومن يقف خلفه، وذلك بعدم السماح لعلاوي؛ حتى لمجرد الدخول الى مجلس النواب.

ثم جاءت قصة الغصة، بخرق رئيس الجمهورية للدستور، وتكليفه عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة، وهو تكليف كان له أن يمر بسهولة، بعدما قدمت المحكمة الإتحادية العليا؛ تفسيرا للنصاب القانوني لجلسة النصاب، يسهل عملية التمرير، وهو أنه سيكون رئيسا للوزراء، إذا نال ثقة نصف الحاضرين + واحد، وبالواقع فإن هذا سهل التحقق، إذ يكفي أن يحضر 165 نائبا فقط من أصل 329 نائب، ويكفي أن يحصل الزرفي على أصوات نصفهم + واحد، فيكون حينذاك رئيسا للوزراء بشربة ماء، شاء من شاء وأبى من أبى ، وذلك بإرادة رئيس الجمهورية ودعم المحكمة الإتحادية، وخلافا لأستحقاق ورغبة الأكثرية الشيعية!..

هكذا وجد الساسة الشيعة إنهم في معركة فعلية، مع مشروع خبيث لسرقة إستحقاق المكون الأكبر، لذلك يمكن القول وبنظرة موضوعية منصفة، أن نصف المشروع المعادي قد أجهض بإستعادة إستحقاق الكتلة الأكبر؛ من بين عيون رئيس الجمهورية، الذي بات الراعي الرسمي للمشروع الأمريكي في العراق!

كيف يمكن معالجة النصف الثاني؟!

أغلب الظن أن طرح السيد مصطفى الكاظمي، سيكون جزءا من المعركة القادمة وليس كلها، وهي معركة من المؤمل؛ أن تستعيد العملية السياسية خلالها، مسارها الدستوري الطبيعي، فكان أولى الخطوات؛ هي السعي لتوحيد الصف الشيعي، الذي مزقته الخلافات البينية، وهذا أمر ليس منتظر أن يتحقق؛ بشكل تام وناجز خلال أمد منظور، فكان الحل أن يتفقوا على رئيس وزراء؛ لا يناقض قادة الشيعة بشكل حاد، ويمتلك تجربة "ناعمة" في العمل التنفيذي؛ ليست مثيرة للجدل، بقدر ما كان لتجربة الزرفي من مساويء وأنحرافات وصدامات.

الحقيقة أنه لأمر عسير؛ أن يجتمع  الصدر والمالكي والحكيم والعبادي والفتح وبقية الرهط، على شخص واحد، لكن الأمر تحقق مع الكاظمي وإن بحده الأدنى.. لذلك فإن القبول به يعني أنه كان وسيلة لإزاحة الزرفي..

دعونا ننتظر الأيام الحبلى بالجديد، فأغلب الظن أن الكاظمي لن يمر بسهولة، وسيبقى عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء بحكم الواقع، أما إذا مر الكاظمي، وهذا ممكن من الناحية العملية، فإن أملنا كبير أن يكون قادة الشيعة السياسيين، على قدر مسؤولية ما يمثلون، وعليهم أن يمسكوا بزمام الأمور جيدا، ويحفظوا إستحقاقات المكون  الثابتة، و وأد المؤامرة الكبرى وتحقيق النصر الناجز على المشروع الصهيوأميركي الشرير ،والوفاء لتضحيات الشعب العراقي ، وتحقيق أمله بغدٍ أفضل وتحقيق السيادة الكاملة بأخراج الغرباء من ارض العراق الطاهرة ، وذلك بأن يكون تمرير الكاظمي، مرتبط بإلتزام صارم بمثلث (المرجعية ـ الشعب ـ الحشد)

ننتظر للغد، وإن الغد لناظره لقريب!

شكرا

13ـ نيسان،2020

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك