طيب العراقي
طيلة فترة تكليف السيد عدنان الزرفي لرئاسة مجلس الوزراء العراقي، ولغاية الساعة الحادية عشر من صباح الخميس 9ـ نيسان ـ 2020، حيث قدم "بطل الفيلم" إعتذاره عن تشكيل الحكومة؛ ببيان تلاه في مؤتمر صحفي، قبل تكليف مصطفى الكاظمي بديلا عنه، وقف العراق كله على قدم واحدة دون أن يتسلل التعب، لا الى القدم التي على الأرض؛ ولا الى القدم المرفوعة، فقد كان جميع من يعنيهم الأمر، منشغلين بترتيب تفكيرهم وأولوياتهم، خوفا من القادم الذي سيأتي به السيد الزرفي، فيما لو أصبح رئيسا للوزراء، وغفلوا عن ما يحاك في الخفاء، ويا لبؤس ما كانوا ينتظرون!
بصرف النظر عن تاريخ السيد عدنان الزرفي، وهو تاريخ يحفل بعدد كبير من علامات الإستفهام، إلا أن تكليفه المثير للجدل من قبل رئيس الجمهورية لرئاسة الوزراء، تسبب بصداع رهيب للساسة العراقيين من شيعة وسنة وكورد فحسب، بل طفت الى السطح، إنعكاسات كبرى لهذا الحدث الإستثنائي، على الفعاليات الأجتماعية، وجميع المنخرطين بالحقل السياسي، وحتى على المؤسسة الدينية!
الحقيقة أن تكليف الزرفي كشف المستور، وهو أن ثمة شيء ما كان وراء هذا التكليف المريب؛ وأن هذا الشيء خطير جدا، وهو كبير جدا وبحجم من يقف وراءه، وأن المخطط إبتديء بتنفيذه في تشرين 2019، بتحريك الشارع، لكننا أكتشفنا ونحن في طريقنا الى الأزمة الوزارية الراهنة، وما رافقها من أزمة إنتشار جائحة كورونا المخيفة، أن مخططا رهيبا كان يعد للعراق، وأكتشفنا أيضا أن الزرفي كان أحد أبطاله، وربما هذه هي الفضيلة الوحيدة التي إستفدنا منها بمعرفة أبعاد الأزمة!
رئيس الجمهورية بخرقه الفاضح للدستور، كشف عن عمق أزمة مؤسسة رئاسة الجمهورية، وهي المؤسسة التي كانت توصف؛ بإنها مفصل تشريفاتي في بنية الدولة العراقية، لكن أتضح من طبيعة أداء رئيس الجمهورية، ومن وسائله وأدواته التي أدار بواسطتها الأزمة، أن مؤسسة رئاسة الجمهورية ليست ديكورا فارغا كما روج لذلك الخائبين من الساسة؛ بل إتضح أن صلاحيات رئاسة الجمهورية أكبر مما كنا نعرف، خصوصا إذا أمسكها شخص بمهارة وقدرة مناورة، مثل التي يتوفر عليها ثعلب السياسة العراقية برهم صالح!
المحكمة الإتحادية العليا، ومجلس القضاء الأعلى، كانا جزءا من الأزمة وليسا وسائل قانونية للحل، فقد تحولت المنظومة القضائية الى أداة سياسية؛ بسبب قدرة أساطينها على تلبيس القوانين، ثيابا حسب ما يشتهي الزبائن، والثمن بسيط جدا، وهو أن يبقون على رؤوس هذه المؤسسة بإمتيازاتها الخرافية، مع أنهم تجاوزت أعمارهم سن القدرة على التفكير والإستنتاج المنطقي.
مصطفى الكاظمي؛ إتضح أنه كان المرشح الحقيقي بعدما دفعت تطورات الأحداث السيد عادل عبد المهدي إلى استقالة مؤلمة، وأتضح أن الكاظمي كان بالحقيقة مرشح متربصا؛ حتى قبل ترشيح محمد توفيق علاوي، وها هو يخرج من دائرة التربص ليتقدم الصفوف، مرشحا مرتاحا للنتيجة، بعد أن كان يوصف من قبل خصوم الجهة التي وضعته في منصب رئاسة جهاز المخابرات الخطير، بأن له إرتباطات مشبوهة، والنتيجة أن من أتهموه بلعوا ما كانوا يتحدثون به، تحت عذر انه أهون الشرين، دون أن يضعوا في حسابهم، أنه ربما سيكون الشر المستطير الذي كان متربصا بهم..!
الزرفي، وما أدراك ما الزرفي، فقد كان "زرفا" في سد الوطن،وإذا قمنا بتحرى خسائره وأرباحه؛ سنتوصل الى أنه لاعب لم يخسر شيئا أبدا،بل ربما سيكون اللاعب الرابح لمعظم الأوراق، مع أنه ما كان يمتلك أوراق لعب كافية، وإذا كان قد خسر فرصة أن يكون رئيسا للوزراء، فإن المعطيات تشير الى أنه؛ كان يعرف أنه لن يصبح رئيسا للوزراء قط، وهو منصب كانت نجوم السماء اقرب منه إليه، وعلى الرغم من معرفته الأكيدة بهذا الواقع، إلا أنه رقص "الجوبي بجفيه" وقبل التكليف، لأن مجرد أن يصبح في سيرته الذاتية ، انه "كان" مرشحا لرئاسة الوزراء، يعني أنه إنتقل من مربع ساسة الدرجة الثالثة أو الثانية، إلى أن يصبح لاعبا أساسيا في تشكيلة فريق ريال مدريد أو برشلونه ..!
في الخفاء ثمة أحاديث عن أن الزرفي؛ لن يخرج من المولد بدون حمص أبدا، فصديقه وإبن "ولايته" قصي محبوبة، وهو ما هو في منظومة العمل لتيار سياسي شيعي مهم، تحدث عن أنه سيكون نائبا لرئيس الوزراء الى جانب الكاظمي، فيما سربت جيوش إلكترونية تتبع للزرفي ذاته، أنه سيكون رئيسا لجهاز المخابرات بديلا عن الكاظمي..!
بترشيح الكاظمي؛ فإن العراق إنتقل من جيب السترة الأيمن؛ للقرصان الأمريكي الى جيبه الأيسر..!
شكرا
9ـ4ـ2020
https://telegram.me/buratha