السيد محمد الطالقاني
(كان هارون يلتفت إلى السحابة يقول لها: أينما تمطرين يأتيني خراجك. وفي سبيل هذه الدنيا قام بسجن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام.
فهل عرضت علينا دنيا هارون ورفضناها ؟
وهل جربنا أن تُقبِل علينا هذه الدنيا ثم لا نسجن موسى بن جعفر؟
إنّ هذه الدنيا، كلّفت هاروناً أن يسجن موسى بن جعفر. فهل وضعت هذه الدنيا أمامنا لكي نفكر بأننا أتقى من هارون ؟)
هذه الكلمات نطق بها شهيدنا السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه عام 1979, والذي نعيش ذكرى استشهاده هذه الايام.
لقد نطق شهيدنا تلك الكلمات في وقت كان النظام البعثي المقبور يتسلط على رقاب الامة بالحديد والنار ,وكان شهيدنا الصدر يتحدث بكل جراة علنا وامام الملا بها وهو يصف حب الدنيا وابتلاءاته, وإن الله سبحانه وتعالى لا يجمع في قلب واحد ولاءَين. إما حب الله وإما حب الدنيا، فحب الله والدنيا لا يجتمعان معاً في قلب واحد.
لقد بذل السيد الشهيد الصدر كل طاقاته وجهوده بل بذل دمه الزكي لأجل إيقاظ الأمة من الخدر الروحي، والجمود الفكري، والتحجر الديني و تصحيح فهم الأمة عن الدين والإسلام، وبأنه منهج للتفكير ، وكيان سياسي للأمة ، وثورة لقلب الواقع الفاسد إلى واقع سليم وذلك بالاطاحة بطاغوت البعث الكافر الجاثم على صدر الأمة .
وكان ثمن هذا التغيير ان سالت دماء من خيرة علماء ووجهاء وقادة العراق وجمع كبير من المثقفين وأصحاب الفكر من مدنيين وعسكريين وطلاب الجامعات كل ذلك كان بعين الله.
وتمر الايام والسنين ويهلك صدام وتعرض دنيا هرون على من كانوا يجعلون من الشهيد الصدر قدوة لهم في كل مساراتهم ,ويصبح من كان يتخذ من الشهيد الصدر قدوة له متنفذا في ادارة الحكم الجديد في العراق وتتحقق نبؤة الشهيد الصدر حيث ترك هولاء حب الله وغرقوا في حب الدنيا فشاع فيهم الفساد المالي والفساد الاداري وامتد الامر بهم الى الفساد الاخلاقي واصبح القدوة الذي كانوا يتباهون به يوما ما في خبر كان حتى تمر ذكراه مرّ السحاب دون ان يعطى حقه من الذين تسلقوا الى السلطة بفضله .
ان العراق اليوم يمر باعقد فترة تاريخية سياسية عقائدية فكرية تحتاج الى وقفة جادة من كل الشرفاء من اجل سلامة هذا البلد وتصحيح كل الاخطاء التي رافقت العملية السياسية ,لذا يجب على الذين يجدون في انفسهم الكفاءة والنزاهة ممن يريددون ان يقودا سفينة العراق نحو شاطىء الامان ان يجعلوا من كلام الشهيد الصدر هذا درسا لهم ,والا ستكون نهايتهم ايضا كالذي سبقهم ممن غرق في حب الدنيا واشترى دنيا هرون وليعلموا ان الدنيا دار ممر إلى دار مقر والناس فيها رجلان: رجل باع فيها نفسه فأوبقها، ورجل ابتاع نفسه فأعتقها, وقد اعذر من انذر
https://telegram.me/buratha