د.علي الطويل
ان مصطلح الحرب بالوكالة ظهر في القرن الماضي ، وهو مصطلح يعبر عن قيام دولة كبرى بتحريض جماعات محددة او دولة ما لكي تقوم بحرب ومشاركة بقتال دون ان تلعب هي دور رئيسي فيه ، وبذلك يلعب الوكيل دورا مهما في تنفيذ اجندة من وكله بهذه الحرب ، وقد حدثت حروب بالوكالة في كثير من البلدان في منطقتنا وخارجها ومن الامثلة القريبة البارزة على ذلك الحرب في سوريا والحرب في اليمن اذ تحارب الجماعات المسلحة والمليشيات في سوريا نيابة عن تركيا وامريكا والسعودية ، كما تحارب جماعة هادي وعصابات القاعدة نيابة عن السعودية والامارات في اليمن ، وهكذا فان مصطلح الحرب بالوكالة اصبح شائعا وله مصاديق عملية وراح الباحثون في الشؤون العسكرية والسياسية يضعون له اسس نظرية وقد انجزت العديد من الدراسات في هذا المجال .
اما مصطلح التفاوض بالوكالة فانه الى الان ليس شائعا ولم يتطرق اليه احد من الباحثين الا في القضايا الاقتصادية والقانونية ، اما القضايا السياسية فلايوجد هكذا مصطلح ورد في النظريات او البحوث والدراسات السياسية ، ولكنه على ارض الواقع العملي فانه وارد ومعمول به ، وان ما دفعنا للكتابة عنه هو ماحدث في العراق منذ استقالة الحكومة والى اليوم ودخول الطرف الامريكي بشكل فعال على خط تشكيل الحكومة عبر وكلاء يدافعون عن متبنياته واجنداته ، ينطقون ماينطق ويعملون مايريد وقد عززوا مفهوم التفاوض بالوكالة بشكل جلي وواضح ، فالتوجهات الاساسية لبعض الشخصيات السياسية العراقية في قضية التفاوض على رئاسة الوزراء لاتعبر اساسا عن المصلحة الوطنية ومايريده الجمهور وان (تبجحوا في ذلك) ، ولكن الوقائع العملية اثبتت انهم قد تبنوا التوجه الامريكي وسعوا بكل قوة لفرض الارادة الامريكية وان كان ذلك ظاهرا ضمن نطاق الادستور ، الان ان ما ظهر خلال الاربعة اشهر الماضية يعكس ماذهبنا اليه بشكل واضح .
فهل مايجري في العراق الان من حوارات وتفاوض سيكون منطلقا لشيوع ظاهرة التفاوض بالوكالة ؟وهل سيعمل بهذا المصطلح في شؤون اخرى كسوريا واليمن وغيرها ؟ ان من المفترص والواقع العملي يشير الى ذلك ، ان كل عمل يؤوسس على ارض الواقع لابد ان يكون له ابعاد واسس نظرية .والواقع الحالي بالعراق يشير بما لايقبل اللبس والتاويل ان هناك شخصيات سياسية وكتل تتفاوض نيابة عن الامريكان لفرض اجندات معينة وان ذلك تاسيسا لمبدا التفاوض بالوكالة بشكل عملي الامر الذي سيجر الى استخدامات واسعة لقضايا اخرى داخل العراق ومنها تعديل الدستور ، وخارج العراق في ساحات قريبة وبعيدة عن العراق ايضا مصاديق لهذا المصطلح، ولعل الوقائع على الارض ستجعل منه عرفا سياسيا ، ومبدا سيجد من ينظر له من الكتاب والباحثين في المستقبل القريب.
https://telegram.me/buratha