قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
من أجل هدف إنشاء دولة؛ استطاع الساسة الاكراد؛ تأسيس شعب دولة وليس شعب محافظات.. ولكي يشدوا شعبهم إليهم والى دولتهم، التي يعملون على رسم ملامحها بقوة وثبات؛ عملوا على إنشاء بنية إدارية حقيقية لهذه الدولة، وتوازى ذلك مع توفير خدمات؛ وبنى تحتية وسياسة داخلية وخارجية، تجعل المواطنين يشعرون أنهم في دولة وليس في أقليم.
الساسة الأكراد رسموا هدفهم وأتفقوا عليه جميعهم، وهم في ذلك يتنافسون فيما بينهم، داخل بيتهم وليس خارج اسواره، وعلى الرغم من دكتاتورية أحزابهم؛ وحسابات عشائرية ونشاط حركة إسلامية، لكن كل ذلك يبقى داخل بيت القومية الكردية.
الساسة السنة وخلفهم ومعهم بيئتهم الإجتماعية، توصلوا الى قناعة تامة، بعدم السماح بتكرار تجربة داعش على أراضيهم، مع أن ظهور داعش من بين صفوفهم، كان مفيدا لهم على المدبن القريب والمتوسط، وحقق لهم هدفا كانوا يصبون إليه؛ وهو أن يقودوا مناطقهم بأنفسهم، بعيدا عن تأثيرات الحكومة المركزية وهيمنتها، إلا أنه من المؤكد أن تنظيم "داعش" نفسه؛ ما كان يريد العراق كله، بل كان هدفه المناطق السنية فقط، وعمليا فإن "داعش" كان وبتخطيط مسبق، أداة بيد الساسة السنة، ولا نتوقع أن "داعش" سيمارس مستقبلا؛ دورا يدفع فيه الساسة والمواطنين السنة بأن يحاربوه، وبالمحصلة فإن السنة في رعاية امريكا والخليج.
المشكلة الحقيقية تكمن في صفوف الشيعة؛ الذين يشكلون غالبية سكان وسط وجنوب العراق الساحقة؛ بما قيها العاصمة بغداد، حيث ان هذه الصفوف ساسة ومواطنين؛ اصبحت لا تنتمي لمدرسة واحدة، بل تبدو الصورة ممزقة بشكل مثير!
على المديين القريب والمتوسط، يبدوا ظاهرا أن تمزق الشيعة؛ يصب في مصلحة كل من الأكراد والسنة، إذ سيؤدي ذلك الى قوة شوكة كل منهما، ويضعف تأثير الشيعة بالقرار الوطني العراقي، وسنيا سيكون من مؤدى ذلك، زيادة مساحة وجودهم في السلطة ، فيما على الصعيد الكردي؛سيعجل بتحقيق الحلم بدولة مستقلة..ولذلك تعمل الأطراف السنية والكردية يدا بيد؛ على إزدياد مساحة تمزق الصفوف الشيعية، وهذا ما بدى واضحا، بالتنسيق المشترك بين بارزاني والحلبوسي وبرهم صالح؛ في مسألة تشكيل الحكومة!
لكن على المدى الإستراتيجي؛ فإنه كلما إزدادت مساحة التمزق الشيعي؛ وكلما إزداد الأكراد إقترابا من تحقيق هدفهم، وكلما إزدادت مساحة السنة في السلطة، فإن العراق يزداد إقترابا من حالة اللا دولة، وسوف لا يمضي زمن طويل؛ إلا ونشهد إنتهاء دولة العراق بشكلها الراهن!
على المدى الإستراتيجي أيضا؛ فإن الأكراد يعلمون جيدا؛ أن إنشائهم لدولة حقيقية قابلة للحياة، يصطدم عمليا بعدة محددات وتحديات، يعضها داخلي وأقواها وأهمها الخارجي، وهم يدركون جيدا أن الدول الحية، تحتاج الى شواطيء على البحار، وهذا غير متوفر لهم، وسيحتاجون الى سلسلة حروب مستمرة للوصول الى البحر، لن يكون النصر حليفهم فيها أبدا!
السنة من جانبهم يعلمون أن عليهم، أن يذوبوا في دولة أخرى إذا خرجوا من العراق، وسوف لن يكون لهم وجود فاعل في تلك الدولة، بل سكونون أتباعا أذلاء، وكأنك ما غزيت يا ابو زيد..
لما مضى من شرح، فإن على الأكراد والسنة؛ أن يتوقفوا عن محاولات تمزيق الشيعة، بل أن مصالحهم سوية تقتضي، أن يجدوا أمامهم قوة شيعية موحدة، يستطيعون عبر التعاطي معها، أن يبنوا مناطقهم، وينتقلون بمواطنيهم الى الرفاه الإجتماعي..
كلام قبل السلام: ثمة نقطة تركناها الى آخر الحديث، وهي أن 90% من الشهداء الذين دافعوا عن وحدة وسيادة العراق كانوا شيعة، وأن 80% من نفط العراق شيعي..!
سلام..
https://telegram.me/buratha