علي الطويل
لم يفرز تاريخ العراق الحديث الكثير من القادة ممن يترك اثر وبصمة واضحة على الوضع السياسي والاجتماعي في العراق الا ماندر ، واذا مااستعرضنا صفحات تاريخنا المعاصر نجدهم يعدون بالاصابع اولائك الذين ظلت ذاكرة الشعب العراقي تحتفظ بهم ، وكل حسب طبيعة الظروف التي لازمت مرحلته وطبيعة وعمق القضايا التي رافقت مسيرته ، ومنهم من خدمته الظروف الاعلامية والسياسية فتحول الى بطل وطني ، الا شهيد المحراب فانه لازم القضية العراقية بكل مراحلها القاسية لمدة اربعين سنة دون كلل او ملل ، فلم يتوانى لحظة واحدة في سبيل نصرة وعزة الشعب العراقي المظلوم وخلاصه من طاغية زمانه صدام وزبانيته الطغات ،
فرغم قساوة الظروف واشتداد طغيان الحاكم وتحكمه بكل اسباب القوة اعلاميا وعسكريا وسياسيا ، الا ان ذلك لم يفت في عضد شهيد المحراب فلم يستكن في طلب الحق ، رغم قلة الناصر وقصر اليد الا انه كان يملك اعتقادا خاصا لايملكه اعدائه فكان ذلك الاعتقاد سلاحا فعالا بيد شهيدنا المظلوم فمن يسير في طلب الحق حتما سينال النصر مع الصبر والثبات على المنهج الصحيح والواضح ، وتلك كانت من مميزات فكر القائد الشهيد اذ كان يملك بصيرة واضحة ومنهجا واضحا اختطه لنفسه يجعل من التمسك في طلب الحق برؤيا واضحة وصبر وثبات دون الخضوع والتردد ولا الملل ، ( اولسنا على الحق ... فلا نخشى ان وقعنا على الموت او وقع الموت علينا )، يجعل منه سببا للنصر ونيل المطالب وتحقيق الطموح ، هذه البصيرة وتشخيص الهدف وتوقع ملامح النتائج مسبقا جعلت من شهيد المحراب قائدا شجاعا يخشاه اعدائه رغم علمهم بحدود امكانياته وقلة انصاره ، الا انه بهذا المنهج جعلهم يحسبون له الف حساب وبطريقته تلك ايضا كسب قلوب المحبين والموالين والف قلوب المختلفين من اجل تحقيق الهدف الذي رسمه وهو اسقاط النظام الصدامي المجرم و تغيير المعادلة الظالمة التي حكمت الشعب العراقي ل٨٠ عاما صودر فيها راي الاغلبية للشعب العراقي طول تلك السنين.
وظل شهيد المحراب عالما مجاهدا وجنديا للحق حتى تحقق الفرج باسقاط النظام العفلقي ولكن القائد الكبير لم تكن مهمته قد انتهت فقد سقط النظام ولكن المعادلة الظالمة لم تسقط ،فما انتظر العراق في تلك الفترة الكثير من التحديات ، الا انها لم تكن غائبة عن ذهن وفكر شهيدنا فلكل معظلة حل عنده ، فحدد منهجه للمرحلة الجديدة بشكل واضح ورسم معالم الحراك وشكل الهدف المقبل ، وتبنى ما طرحته المرجعية الدينية والذي هو بالاساس متطابق مع رؤيته السياسية وما رسمه في قضية شكل الحكم وادارة الامور في العراق ؛ دستور يكتبه العراقيين ويستفتون عليه ، وحاكم منتخب من قبل ابناء العراق؛ وهو ما اختلف مع نظرية المحتلين الذين ارادوا حاكما يفصلونه على مقاساتهم ، وهو ما يتقاطع تماما مع فكر ومنهج شهيد المحراب .
فقد شخص الاعداء خطورة هذه الشخصية العظيمة على مسار خططهم ومستقبل اهدافهم في العراق ، وانه مصدر لازعاجهم لما يملكه من شعبية كبيرة ، وقوة شخصية ودعم مرجعي كبير ، وسرعان مادبروا له المكائد على يد عملائهم واصحاب الاجندات التي اتضحت معالمها فيما بعد ، فكان يوم واحد رجب يوما ماساويا للعراقيين ، ليس من الجانب العاطفي فقط ، بل انه ما ان قتل الشهيد الحكيم حتى قتل معه كل امل في عراق مزدهر امن وحر ، فبقتله قتلوا منهجا وفكرا وبصيرة ولم يقتلوا شخصا ، وما الت اليه اوضاع العراق والعراقيين بعد ذلك دلت على عظمة هذه الحادثة وعلى عظيم خبث الاعداء ، ودقة تشخيصهم لهذه الشخصية العظيمة ومعرفتهم بقدرته وعقليته الكبيرة ، وليت الاصحاب عرفه مثل ماعرفه الاعداء.
https://telegram.me/buratha