قاسم العجرشqasim_200@yahoo.com
حياك الله سيدي الفاضل؛ لم أحييك بتحية أهلنا التي نقشت على ألسنتنا منذ الصغر، "سلامن عليكم"..فهذه التحية وجدتك قد غادرتها منذ أن غادرت بغداد؛ في اوائل ثمانينيات القرن الماضي؛ وها أنت لم تعد تستخدمها عندما تلتقي الناس، بل غالبا وجدتك لا تلقي التحية على أحد، وتكتفي بأن تهز رأسك وتتمتم بكلمات خافتة، لا يكاد يسمعها من ترد التحية له، لآنك لا تبادر قط الى إلقاء التحية..اشلون يصير؛ وأنت زعيم سياسي كبير مو عيب تسلم عله الناس!
جريا على نظرية المؤامرة السائدة اليوم في مجتمعنا، فأنا اعتقد أنك ربما تشتم من تقابله بهذه التمتمات، أو ربما تعد من الـ1 الى الـ5!
أعطني لطفا بعضا من وقتك الثمين جدا، فأنا أعرف مثلك قيمة الزمن، لكني أعتقده زمن متاح للجميع، فهو ملكية عامة شأنه شأن الماء والهواء، فيما أن الوقت لديك "سلعة"؛ تبيعها لمن يود مقابلتك، ولا يشترط لديك أن يكون الثمن نقودا، بل غالبا عرفنا أن الثمن الذي تريده؛ هو تقديم فروض الطاعة والولاء، والعرفان بفضلك على العراقيين، لأنك "جازفت" و"خاطرت" بحياتك، و"قبلت" أن تتغرب في لندن وباريس، بعيدا عن مراتع صباك!
بعد هذه المقدمة "الناشفة..!"..أصارحك أني حقيقة لا استطيع تفهم أن يكون لي قلبين..فعندما كنت شابا لم اتعشق الا امرأة واحدة؛ صارت ام اولادي فيما بعد..وعندما عرفت انه يتوجب علي أن أختار فقيها أقلده، لم اقلد إلا واحدا وبقيت عليه، وجاء بعده عدة فقهاء لكني بقيت عليه، برغم اني شارفت السبعين اليوم..
أنا يا سيدي ليس لي إلا لي وطن واحد؛ فقط هو الذي يحملني؛ بناءا على تعريف علي بن أبي طالب للأوطان: "وطنك الذي يحملك".. هو وطن حملته بين أضلاعي، من نهريه شراييني واوردتي.
الجنسية أيها السيد الناعم اليدين أفهمها هوية..ولا استطيع تصور أن اكون بهويتين..إذ لا يمكنني أن اوالي دولتين..واحدة مغرقة بالتاريخ والبخور وطلع النخيل..شمسها تحرق الديدان، ودولة أخرى غارقة بالضباب والعفن المتسلق على الجدران والقلوب.
أيها السيد المبجل الذي يعرف كيف يضحك من الدنيا وعليها؛ يوما ما سيكون على حامل الهويتين؛ ان يختار وطنا يقبر فيه إلى الأبد.. فأي من وطنيك تراك ستختار؟!..
سبعة عشر عاما مضن؛ منذ أن تحررنا من جور تسبب في أن يختار بعضنا؛ المهاجر اوطاننا مؤقتة، حملوا جنسياتها مرغمين كما يقولون، مع أن لا أحد اجبرهم قط؛ على أن يحملوا جنسيات تلك الأوطان المؤقتة..
لقد كان بإمكانهم او بإمكانكم أن تبقوا عراقيين، وتكتفون بعنوان "مقيمين" في تلك الأوطان..لكنهم أو لكنكم؛ ولأن لجنسية بلدان المهجر امتيازات وحقوق، تقدمها لهم أو لكم، سعوا أو سعيتهم لها زحفا على البطون راغبين.
كثير منكم انخرط بالحياة العامة هناك، بعضكم صار سياسيا هناك؛ وبعضكم الآخر ادى حتى الخدمة العسكرية أيضا؛ وعندما تخلصنا من نير صدام بقيتم على وضعكم.
نصفكم الأسفل عراقي؛ ونصفكم الأعلى اجنبي..اشيرك هنا الى أن النصف الأعلى فيه الرأس، حيث منطقة القرار والتفكير، وفي النصف الأسفل منطقة الغرائز! حيث البطون والفروج؛ كثير منكم يا سيدي عراقي بالغريزة!
بعد 2003 سارعتم يا سيدي بالعودة الى العراق مؤقتا، فهنا امتيازات المظلومين والسجناء السياسيين، قبضتم أموالا كثيرة، رحلتم بها إلى أوطانكم الجديدة..هنا الغريزة، حيث العراق ضرع يحلب ليس الا..هناك مصالحكم وأسركم وبيوتكم وهقولكم وتفكيركم، وهنا ذكريات ومنافع أقرتها لكم قوانين شرعتموها لأنفسكم!
كلام قبل السلام: قليل منكم شاركنا آلامنا ومعاركنا وهمومنا..وكثير منكم ضحك علينا، فكان سببا لآلام جديدة، هي أكثر إبراحا من آلامنا القديمة، فهي آلام رششتم عليها ملح الخديعة..!
سلام..
https://telegram.me/buratha