المقالات

الأزمة العراقية وإهانة شرطي المرور..!


طيب العراقي

 

صورة الذين يعتدون على رجل المرور في الشارع، ويجرجرونه من ياقته، ويرمون قبعته بعيدا، ثم يطرحونه أرضا، ليشبعوه ضربا، فقط لأنه واقف في الشارع لتنظيم السير، تفصح عن حقيقة وأهداف ما يجري في العراق..

الحقيقة أمر من العلقم..وما نشهده اليوم في كثير من البلدان في العالم، وفي العراق خاصة، من تحلل المجتمعات من القيم والضوابط، وشيوع الفوضى والرغبة بالثأر والانتقام، وتلاشي الأحلام وقفل آفاق المستقبل، وإستغراق المجموعات والأفراد؛ في إيقاظ جراح الماضي؛ من الأمس القريب وصولا إلى مئات وآلاف السنين، يكشف أن العقل وقبله الأخلاق والقيم قد غابت جميعا، وحلت محلها السفالة والدناءة، وبطولات الرعاع وقيعان المدن.

عندما تُغَيَبُ الأخلاق والقيم؛ تسقِط المعايير والمواصفات والإلتزامات، وعندها يتجرأ الجاهل على العاقل؛ والمرتكب على البريء، وتُستباح قواعد الانتظام المجتمعي، وتتلاشى ثقافة الأعراف العريقة؛ المانعة للتفلت والتفكك والانهيار، وتعم الوقاحة وتستباح المقامات.

عندما تداس القيم بأحذية صبية الطرقات؛ تنهار الدولة ومؤسساتها، وتحل محلها الشوارعية، وتتقدم السفاهة على الفصاحة، والدجل على الصدق والالتزام، ويسود الادعاء وارتكاب المحرمات.

هنا في العراق، وقريبا جدا؛ وبعد غياب أو تغييب القيم والأخلاق، سيتغيب لمنطق ـ أوهو قد تغيب فعلاـ ويحل محله إنفلات عام، وتتبدل الألوان لتصبح جميعها بلا لون، ويولد دين جديد هو دين الشارع المتحلل من كل الضوابط، ولا يبقى معنى للحلال والحرام، وتتجدد شريعة الغاب بأثواب حديثة، وتستبيح وحوش عشاق السلطة كل المحرمات.

حينما تكتمل ملامح المشهد الخالي من كل إعتبارات العقل والقيم والأخلاق، سيصبح العراق حقل رماية لأسلحة الإستكبار العالمي، ويغدو العراقيين فئران مختبرات، لقيم وأخلاق الغرب، ولقياس مدى تأثير جزمة المارينز الأمريكي؛ على الرؤوس المسحوقة تحتها، ولا فرق أن يكون الرأس المسحوق شيعيا أو سنيا أو كرديا!

قبل المشهد الحالي؛ جرى تثقيف محموم على مفاهيم أبناء الست وأبناء الجارية، ونبش في تنور أبناء المدن وأبناء الارياف النائية، وعراقيي الخارج والداخل، وتقدم أدعياء الاختصاصات المحدودة على أصحاب الأحلام غير المحدودة، عزز ذلك فساد في كل شيء، وهيمنة الشطار والعيارين التافهين، من الزعماء السياسيين الكبار والصغار؛ ومعهم الذين يحتقرون الناس؛ ويتوهمون تفوقهم على الآخرين، مرة بالعنف او بالنسب، وأخرى بالولاءات الخارجية، وثالثة بالإفلات من جرائم الفساد؛ والإستهتار بحقوق العراقيين بدون عقاب!

اليوم يراد أن تنعدم الملامح والأسماء، ويصبح لا فرق بين اللا-أحد والأسماء المعتبرة، ونصبح جميعا أذلاء خانعين؛ لسطوة الشارع وقيم الرعاع، ويسود الظلام وتتنطح بوَمَهٌ؛ للتحكم بالبلاد والعباد، وتنعدم الأسئلة وتكثر الإجابات، ويغيب إبداع الشعراء؛ وتصدح خطابات الببغاوات؛ ويموت الحمام وتستوطن الغربان.

القصة ليست في خاتمتها، وما يزال الأغبياء الساسة، أو الساسة الأغبياء يحاولون إستحمار الناس، فأصبحوا وهم الخاوين من الفكر والعقائد، يعتقدون أن ثمة من بقي يصفق لهم، معتقدين أن الناس معجبة بهلوساتهم وحماقاتهم وغبائهم الواضح.

في خاتمة القصة، التي ما نزال في سطورها الأولى، سينهار التاريخ والمثل العليا، وسيشتمون علي بن ابي طالب مجددا على المنابر، كما شتموه في أول التاريخ وسيرفع رأس الحسين؛ على رماح العلمانية والشيوعية والمدنية واليسار العراقي، وخلفهم "غمان" الشيعة، ليطاف به  في مدن وسط وجنوب العراق، وسيهتفون مجددا "بس الشهر ماكو مهر موتوا يرجعية"..

ـــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك