د. علي الطويل
الامر الغريب في المظاهرات العراقية والشيء المختلف فيها عن باقي الممارسات الديمقراظية والاحتجاجات العالمية لانها ذات صبغة عراقية ، فالعراقي متميز في كل شي، متميز بالحب ومتميز في الكره ومتميز في السلم ومتميز في الحرب والعنف ، وهنا لا نحاول الحط من شخصية العراقي او تناولها بسوء لاسامح الله بقدر تشخيص قضية طالما احتار فيها الجميع وتشعبت تفسيراتها من شخص لاخر ، ولعل لعوامل التاريخ ومراحل الظلم الكبيرة التي وقعت على الشعب العراقي في دورات الزمن الماضية دورا في خلق شخصيته المتميزة عن باقي شعوب الارض ، وما يهمنا اليوم ليس الدخول في تفاصيل سيكولوجية الفرد العراقي لان ذلك من اختصاص علماء الاجتماع والمتخصصين في هذا المجال ، ولكن مايهمنا هو الوضع الذي يمر به العراق اليوم والازمة الحادة التي المت به جراء تنوع الوان مظاهرات ابنائه ، وتشتت مطالبها وتنوع مصادر دعمها (وقوس قزحية ) من يقفون خلفها .
فمنذ بداية المظاهرات والى اليوم لم نقف على مطلب او مطالب واضحة يريدها المتظاهرون ، صحيح ان المظاهرات والاحتجاجات قامت نتيجة سوء ادارة البلد وما الت اليه الاوضاع فيه نتيجة ذلك ، وكثرة الفساد الذي استشرى والظلم الكبير الذي وقع على ابناء هذا البلد بسبب ذلك ، وكل هذه اسباب طبيعية للاحتجاج ، وكانت اغلب مظاهر الاحتجاج في بدايتها سلمية ودوافعها حسنة ، ولكن ركوب موجة التظاهرات من قبل الاطراف الدولية وخاصة المحور الامريكي والدفع باتجاه العنف وتخريب الدولة وتعطيل الدوام والمدارس ادى الى انسحاب اغلب المتظاهرين السلميين ذوي النوايا الحسنة ، وادى استمرار المظاهرات كذلك الى ركوب الموجة من بعض الاطراف المحلية ايضا اما لاجل امور انتهازية تنافسية حزبية او لاجل الضغط والحصول على الغنائم ، وخاصة في هذه الفترة التي شهدت تكليف محمد علاوي كرئيس للوزراء ومحاولة النزوع بالمظاهرات الى العنف والاساليب غير القانونية وغير المقبوله ، مما يكشف طبيعة القوى التي تقف ورائها والتي لايهمها سوى ماتحصل عليه من مغانم على حساب الوطن والمواطن .
ان نزول ذوي القبعات الزرقاء الى ساحات التظاهر ،رغم التحفظ على بعض اجنداتهم ، ولكن كان دخولهم ذا طابع سلمي واهداف واضحة وهو اعادة الدوام وحماية المدارس من المخربين وعملهم اتسم بالتعاون مع الاجهزة الامنية ونزلوا وهم منزوعي السلاح ، ولكن الغريب في هذه المرحلة هو دخول ذوي القبعات الحمراء وهدفهم مغاير تمام لاهداف ذوي القبعات الزرقاء الا وهو التخريب والتعطيل والعنف ، وهنا لابد من وقفة لتمييز الصالح من الطالح بين الفريقين ويبدو ان اصحاب القبعات الحمراء لهم اجندة مختلفة اذ ميزوا انفسهم بانهم من كانت شعاراتهم ومظاهراتهم بغير هدف ولا مطلب واضح بقدر اشاعة الفوضى وجر البلد الى عدم الاستقرار لخدمة اهداف غير مقبولة ولا منسجمة مع وصايا المرجعية وهم من قطعوا الجسور واعتدوا على الناس ، وفي ظل عجز اجهزة الدولة في معالجة هذه الظواهر السلبية واعتقال هؤلاء المخربين ، وسكوت قادة المجتمع واصحاب الراي والتاثير والعشائر عن ما يحصل فان المتوقع ان تنزلق الاوضاع الى مالا تحمد عقباه لان الهدف اصبح واضح جدا و لالبس فيه ، وهو ان يبقى العراق ضعيف مشتت ليتسنى لامريكا البقاء وامتصاص خيراته وفرض اجنداتها وحساباتها على الدولة خدمة لاسرائيل ، لذلك فان جنودها المحليين سوف لن ينسحبوا من ساحات التظاهرات وسوف يزداد حراكهم سوء ، وخاصة في فترة تشكيل الحكومة للضغط عليها من تنفيذ الاجندة الامريكية وخاصة في قضايا الحشد وقضية انسحاب القوات ، لذلك فعلى جميع الخيرين في العراق الوقوف بحزم امام هذه الاهداف الشريرة وتمييز الالوان وفرز الابيض عن الاسود .
https://telegram.me/buratha