د . حسين القاصد
استيقظت فجر الثلاثاء على ألمٍ شديد جدا ، وصار يتسابق مع الوقت في التصاعد ، حتى خِلت أن صدري سينفجر من شدة الألم ؛ فأخذت أتماسك وتناولت ( حبة) الأسبرين تحسبا من الذبحة او احتشاء عضلة القلب ، لاسيما بعد عودتي للتدخين بافراط .
صار الوقت ينافس السلحفاة بالبطء ، وانا انتظر الصباح كي اذهب الى المستشفى ؛ ولم أخبر أحدا من أسرتي ، إذ ليس من المعقول أن يستيقظوا على قلق يخنق صباحهم ؛ وما أن أسفر الصباح حتى أخبرت اسرتي أني ذاهب الى العمل ، وخرجت إلى الشارع واستوقفت أول ( تكسي) صادفتني وقلت له إلى مستشفى ابن النفيس ، فقال لي : كيف نصل؟ فطريق محمد القاسم مقطوع من منتصفه ، فقلت له أوصلني إلى مكان القطع ، افضل من ان ابقى هنا ، لعل طريقا آخر مفتوحا فأسلكه بعد مسافة مشي على الأقدام .
اتفقنا انا وصاحب التكسي وانطلقنا من حي تونس واتصلت بالأستاذ الدكتور علي محي الشمري مدير مستشفى ابن النفيس واخبرته أني متجه إليه وحالتي سيئة جدا ؛ إلى أن اقتربنا من ( النهضة) فانقطع الطريق ، فنزلت كالتائه وطبل النبض يمزق صدري ، وسرت في شارع كراج النهضة أتوسل السيارات عن طريق مفتوح يوصلني إلى المستشفى ، واقتربت من منتصف النهار من دون أي حل في الأفق ؛ الى أن فكرت باغراء احد اصحاب ( التكتك) واعطيه أجرة تكسي مقابل أن يعبر بي المناطق المقطوعة ، حيث لا يسمح بالمرور منها إلا لأصحاب التكتك ، فاقتنع الشاب وعبر بي كل أماكن القطع إلى أن وصل بي الى القصر الأبيض في شارع النضال ، فقال هذا حدي ، وبقية الطرق مفتوحة ، فاكتريت تكسي ووصلت للمستشفى واستقبلني مدير المستشفى بانسانيته المعروفة وعنايته ، وادخلني الإنعاش وحقنني موسعا للشرايين وبقيت بحدود الساعة اراقب قلق الطبيب فاذا هدأ سأكون بخير حتما ، وبعد ساعة أو أكثر بقليل احسست بالتحسن ، لا سيما بعد أن انفرجت ملامح الدكتور علي الشمري ، الذي ابتسم وقال مرت بسلام ، انتبه لنفسك ، فضحكت ساخرا مني !! كيف انتبه لنفسي وانا لا اعرف كيف أعود للبيت وأي طريق مفتوح! .
شكرته وشكرت جميع الكادر الطبي وخرجت من المستشفى ، لا تقلق عزيزي القارئ ، فلقد وصلت البيت ليلا !! ترى كيف بمن ينزف ؟ وكيف بمن لم تمنحه الحياة مهلة الوصول إلى المستشفى ؟ ولمصلحة من قطع الطرق على الناس؟ وكيف بكبار السن والنساء الحوامل في طرق لا تمر منها سوى ( التكتك) فهل تنقل النساء الحوامل في التكتك ؟ أليس من الوطنية والإنسانية أن نبقي طريقا مفتوحا للناس ؟ شكرا للتكتك.
https://telegram.me/buratha