جواد العطار
من الغريب عودة الامريكان الى العراق بهذه الطريقة وبهذه السرعة ، فمن غاب لسنوات منذ 2011 وخرج مخذولا يعود مجددا بكامل عدده وعدته وينفذ عمليات قصف جوي لقوات عراقية في القائم ولمسؤول عراقي رفيع المستوى قرب مطار بغداد وينتشر بدباباته في المنطقة الخضراء وطائراته في سماء بغداد... فما هو السبب؟ هل هو بسبب قصف قاعدة كي وان في كركوك ام حادثة الاحتجاج امام سفارتها في الخضراء ، ام هي ذريعة واضحة للعودة من جديد لاحتلال البلاد!!.
كان الاعتقاد السائد عند الادارة الامريكية قبل 2003 جليا بان ازالة نظام صدام هو الضمانة الحقيقية للاستيلاء على العراق وضمه الى المحور الامريكي في المنطقة او تنصيب حكومة موالية لهم وعودة قواتهم الى قواعدها آمنة خلال فترة وجيزة وباقل الخسائر ... لكن الامور لم تجري على ما يشتهي ساسة البيت الابيض فاختاروا بدائل مثل العهد الدولي مع العراق وبعدها توقيع اتفاقية الاطار الستراتيجي بين البلدين عام 2008 واخيرا اختاروا الانسحاب الكامل عام 2011 .
ومنذ ذلك العام والعراق يبتعد تماما عن المشاريع الامريكية في المنطقة حتى اصبح هو نفسه هدفا للامريكان حينما تخلوا عنه في ازمة حزيران 2014 وتركوه منفردا في مواجهة داعش خلافا لاتفاقية الاطار التي ارادها الامريكان انفسهم ورفضها اغلب العراقيين ، وفي الوقت الذي كان العراق يبتعد عن صفقة القرن الامريكية وحلفاءها في المنطقة فانه كان يقترب اكثر من محور آخر تشكل لمحاربة داعش ومن التحالف الرباعي الذي ضم روسيا وايران وسوريا والعراق واختار بغداد مقرا له ، ومنذ ذلك الوقت ادرك الامريكان الخطر وبان نفوذهم بدأ يتلاشى في العراق تماما ولم يبقى لهم سوى التفوق الجوي المسيطر على اجواءه نتيجة التطور التكنلوجي.
وهذه هي النتيجة الطبيعية للسياسة الامريكية التي لا تستجيب لارادة الشعوب وتطلعاتها في الامن والاستقرار والتطور بل تقوم على حماية حليفتها اسرائيل في المنطقة وعلى استنزاف موارد الشعوب الحرة وخيراتها لانها تختلف معها في التوجهات والمواقف. لذلك لن ينجح الامريكان في العراق؛ والعراقيين مطالبين برفض تواجدهم واولهم البرلمان الذي صوت الاحد الماضي على قرار نيابي يلزم الحكومة باخراج القوات الاجنبية من البلاد وبالذات الامريكان لان سياستهم يرفضها العقل والمنطق... مثلما يرفض كل وطني شريف عودة الاحتلال الامريكي البغيض الى ارضه مرة اخرى او تواجده تحت اي مسمى او مبرر.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha