عبد الحسين الظالمي
لم ولن يغيب مشهد سحل وتعليق الشهيد هيثم في ساحة الوثبة، وسوف يبقى هذا المشهد حدثا مؤلما في شريط الذاكرة العراقية، يضاف الى شريطين لازلت الذاكرة العراقية تحفظهم رغم مرور اكثر من ٥٠ عام على الحدث وهما مقتل والتمثيل بالعائلة المالكة في العراق ابان إنقلاب ٥٨ وحدث مقتل الرئيس عبد الكريم قاسم ثم يأتي حادث الوثبة ليضاف الى هذه الذكريات المرة ويكاد الفاعل بشكل مباشر هو نفس الفاعل!
في الحوادث الثلاث مع فارق المباشرة من عدمه وما نريد ان نؤكد عليه هو حادثة الوثبة لكونها الحدث الاقرب .
الحادثة تتعلق بطفل لم يبلغ الرشد، اذ يبلغ من العمر ١5 سنة وهذه سابقة ربما تكون فريدة في زمن يفترض ان يكون ابعد ما يكون من مثل هذه الحوادث هذا اولا وثانيا ان القائمين بذلك مجموعة كبيرة وليس افراد معدودين والثالثة ان القائمين بهذا الحادث يطالبون بحق الشباب والطفولة وإشاعة العدالة ! ورابعا انهم يسلكون احد وسائل الديمقراطية واحترام الرأي الاخر ( التظاهر السلمي) كما يفتر . ومن هنا علينا ان نقرأ الاحداث والخلفيات والتي اوصلتنا لما نرى من هذه الحوادث .
الملاحظ لتفاصيل حادثة الوثبة يجد ان منفذيها اغلبهم شباب صغار في السن اغلبهم في سن الضحية او اكبر منه بقليل وهذا ما ينطبق على اغلب الضحايا في المظاهرات اغلب الشهداء من الشباب بعمر الزهور وهذا يعني ان هؤلاء كانوا هم في المقدمة وهم الذين يخلقون الاحتكاك وهم الذين احتشدوا لتصوير ضحيتهم في ساحة الوثبة وهم يهتفون باسم الوطن والمقدسات وفخورين انهم حققوا انجازا يحق لهم التفاخر به وهم في لحظة نشوة الحدث دون ان تسعفهم عقولهم بالتفكير بما هو صح والذي يمكن تصور حال بعضهم الان كل من صور او حضر لتلك المشاهد يتمنى ان يرمي الهاتف في الف تنور نار ويتمنى ان لا تعرض تلك المشاهد التي يمكن ان تظهر صورته بعد ان استرجع عقله وشاهد ردود الفعل وهذا ما شاهدناه في اعترافات المشتركين في الجريمة وتم اعتقالهم .
اذ كان الفاعلين اغلبهم من الشباب فهم اقسام منهم من عاش هذه المشاهد بشكل طبيعي في المحافظات الغربية واصبحت سلوك يتفاخر به البعض في تلك المحافظات
وهؤلاء اغلبهم شباب من تلك المحافظات وهم ناقمين على الوضع، وما القسم الاخر فهم من الشباب والفتية الذين تم شحن عقولهم بعصف اعلامي فكري خلال العشر سنوات الاخيرة من خلال ما يشاهدون من مشاهد وأفلام ولعب الكترونية ومسلسلات عنف مقصودة الهدف والغاية ، بالاضافة الى الشخن ضد اطراف معينة مثل ( مندس ) وهذه كلمة تكفي ان يمزق الشخص تمزيقا بمجرد اتهام اي شخص بها من بين المتظاهرين ( قناص ) وهذه مثل سابقتها وكذلك ( ذيل ) فيما اشاع بعض اصحاب التاريخ القديم مفردة السحل والشنق والتعليق واخذ البعض يرددها في مقابلاته وتغريداته
مما خلق صورة لدى هذا الجيل وكان ذلك اسلوب نضالي في الوقت الذي ساعد في خلق هذه الاجواء هو تشجيع الكل ومساندة الكل لحركة الاحتجاج والتظاهر وحمايتها مهما كانت الافعال دون تميز وتحديد حدود لهذه الافعال رغم ان البعض يؤكد على السلمية لذلك تراهم يحرقون ولا يبالون ويهاجمون المدارس والدوائر وهم يعتقدون ان ذلك كله مشروع ومدعوم بل من يسقط ضحية هذه الافعال فهو شهيد لذلك نرى ذلك موجود ليس في ساحة الوثبه فقط (الجمع الذي يتفرج) بل نشاهد مثيل له في كل مناطق التظاهر في المحافظات فهم من نفس الاعمار والنماذج الذين يحرقون المقرات والدوائر ويصورون ويمنعون عجلات الاطفاء من القيام بواجباتها امعان في زيادة الاضرار بالمحروق بل هم نفسهم الذين يحتكون بالقوات الامنية وهم نفسهم الذين يشكلون افواج مكافحة الدوام مشحونين بما ذكر اعلاه وموجهين من جهات تقف خلفهم في اماكن امنة توجههم نحو الاهداف المرسومه مسبقا وهم (الجوكر .. البعثيين ... فئات سياسية تريد خلق الرعب في نفوس الخصوم) وقد ساعدت الظروف الاخرى بتشجيع ذلك منها الضغط على القوى الامنية لعدم استخدام القوة مما افقد الدولة هيبتها وشجع الشبان بالقيام بافعال منافية بالاضافة الى الدعم والاسناد الشعبي ما اعتبر قسم من هؤلاء الشباب ان هذه الافعال بطولة تضاهي بطولات اخوانهم في الحشد ضد داعش وما يعاني هؤلاء الشباب من فراغ في حياتهم وضياع لذلك لا نستغرب اغلب الضحايا فتيان واغلب الفاعلين لهذه الاحداث فتيان صغار
النتيجة الفاعل شاب صغير والموجه رجل يجلس خلف جهاز نقال في غرفة مكيفة او ربما في خيمة اعتصام او في سفارة او مقرا حزبيا .وربما خلف الحدود وابنائه مشغولين بالدراسة والبحث او ربما في جولة سياحية .. لا فرق بين سياسي او معارض ، والشباب ضحايا بين قتيل او متهم او مفقود .
ولا حول ولاقوة الا بالله.
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha