حسين فرحان
الملاحظ في تعاطي المرجعية الدينية العليا مع التظاهرات التي انطلقت في ١ / ١٠ / ٢٠١٩ تأكيدها ومنذ الخطبة اللاحقة لهذا التاريخ أي في ٤ / ١٠ / ٢٠١٩ على مجموعة من الشروط والمطالب، فاشترطت سلميتها وأكدت عليها ودعت لنبذ العنف والعنف المضاد، وطالبت بمطالب ترقى إلى مستوى التغيير الحقيقي واعطت الحل الأمثل لذلك بمطالبتها بقانون انتخابات عادل يرعى حرمة الأصوات وقانون لمفوضية الأنتخابات ينأى بها عن المحاصصة والمحسوبيات، لتختصر بذلك الطريق على المتظاهرين وتكفيهم مؤونة التخبط في سبل المطالب المتشعبة المبعثرة التي يسهل على أصغر ثعالب السياسة أن يمارس أمامها التسويف والمماطلة وبأبشع الصور .
ومنذ الجمعة الأولى بعد انطلاق الاحتجاجات كانت النصوص التي ترد لمنبر الصحن الحسيني الشريف تتضمن شرط سلمية التظاهر وتتضمن التأكيد على أهم المطالب لا سفاسفها، ومع الشروط والمطالب العالية المضامين كانت هناك ( تحذيرات ) و ( أشارات ) لمخاطر جسيمة ترى المرجعية العليا ضرورة الإلتفات إليها في هذه المرحلة التي وصفتها ب ( المحنة الراهنة ) ووصفتها ب ( معركة الإصلاح ) فما هي هذه المخاطر وماهي هذه التحذيرات ؟ وهل سيتم الإلتفات إليها ولا يتم تجاهلها كيوم حذرت المرجعية من داعش فصمت الآذان عن سماع صوتها حتى وقع المحذور ؟
لنتأمل في بعض ما جاء في هذه النصوص وهي نصوص حديثة الصدور ترى ما غفل عن رؤيته البعض ممن ركنوا إلى النفوذ والسلطة والحزبية والعشائرية وغيرها من مسميات طغى الإفراط في اعتناقها على منطق الحكمة .
١ - ورد في خطبة الجمعة ٤ / ١٠ / ٢٠١٩ ما نصه :
" نأمل أن يُغلّب العقلُ والمنطقُ ومصلحة البلد عند مَنْ هم في مواقع المسؤوليّة وبيدهم القرار، ليتداركوا الأمور قبل فوات الأوان، كما نأملُ أن يعيَ الجميعُ التداعياتِ الخطيرةَ لاستخدام العنف والعنف المضادّ في الحركة الاحتجاجيّة الجارية، فيتفادون ذلك في كلّ الأحوال."
٢ - ورد في خطبة الجمعة ٢٥ / ١٠ / ٢٠١٩ ما نصه :
" إنّ تأكيد المرجعيّة الدينيّة على ضرورة أن تكون التظاهرات الاحتجاجيّة سلميّةً خاليةً من العنف، لا ينطلق فقط من اهتمامها بإبعاد الأذى عن أبنائها المتظاهرين والعناصر الأمنيّة، بل ينطلق أيضاً من حرصها البالغ على مستقبل هذا البلد الذي يُعاني من تعقيداتٍ كثيرة، يُخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل الى الفوضى والخراب، ويفسح ذلك المجالَ لمزيدٍ من التدخّل الخارجيّ، ويُصبح ساحةً لتصفية الحسابات بين بعض القوى الدوليّة والإقليميّة، ويحدث له ما لا يُحمد عقباه ممّا حدث في بعض البلاد الأخرى من أوضاعٍ مريرة، لم يمكنهم التخلّص من تبعاتها حتّى بعد مضيّ سنواتٍ طوال." .
٣ - ورد في خطبة الجمعة ١ / ١١ / ٢٠١٩ ما نصه :
" إنّ الدماء الزكيّة التي سالت خلال الأسابيع الماضية غاليةٌ علينا جميعاً، ومن الضروريّ العمل على منع إراقة المزيد منها، وعدم السماح أبداً بانزلاق البلد الى مهاوي الاقتتال الداخليّ والفوضى والخراب، وهو ممكنٌ إذا تعاون الجميعُ على حلّ الأزمة الراهنة بنوايا صادقةٍ ونفوسٍ عامرة بحبّ العراق والحرص على مستقبله." .
٤ - ورد في خطبة الجمعة ٨ / ١١ / ٢٠١٩ ما نصه :
" إنّ أمام القِوى السياسيّة المُمسكة بزمام السلطة فرصةً فريدةً للاستجابة لمطالب المواطنين وفق خارطةِ طريقٍ يُتّفق عليها تُنفّذ في مدّةٍ زمنيّة محدّدة، فتضع حدّاً لحقبةٍ طويلة من الفساد والمحاصصة المقيتة وغياب العدالة الاجتماعيّة، ولا يجوزُ مزيدُ المماطلة والتسويف في هذا المجال؛ لما فيه من مخاطرةٍ كبيرة تُحيط بالبلاد.
الثانية: إنّ المحافظة على سلميّة الاحتجاجات بمختلف أشكالها، تحظى بأهمّيةٍ كبيرة، والمسؤوليّةُ الكُبرى في ذلك تقع على عاتق القوّات الأمنيّة، بأن يتجنّبوا استخدام العنف ولا سيّما العنف المفرط في التعامل مع المحتجّين السلميّين، فإنّه ممّا لا مُسوّغ له ويؤدّي الى عواقب وخيمة." .
٥ - ورد في خطبة الجمعة ١٥ / ١١ / ٢٠١٩ مانصه :
" إنّ معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقيّ الكريم إنّما هي معركةٌ وطنيّةٌ تخصّه وحده، والعراقيّون هم من يتحمّلون أعباءها الثقيلة، ولا يجوز السماح بأن يتدخّل فيها أيّ طرفٍ خارجيّ بأيّ اتّجاهٍ، مع أنّ التدخّلات الخارجيّة المتقابلة تُنذرُ بمخاطر كبيرة، بتحويل البلد الى ساحةٍ للصراع وتصفية الحسابات بين قوى دوليّة
وإقليميّة يكون الخاسر الأكبر فيها هو الشعب." .
٦ - ورد في خطبة الجمعة ٢٩ / ١١ / ٢٠١٩ ما نصه :
" إنّ الأعداء وأدواتهم يخطّطون لتحقيق أهدافهم الخبيثة من نشر الفوضى والخراب والانجرار الى الاقتتال الداخليّ، ومن ثَمّ إعادة البلد الى عصر الدكتاتوريّة المقيتة، فلا بُدّ من أن يتعاون الجميع لتفويت الفرصة عليهم في ذلك." .
٧ - ورد في خطبة الجمعة ٦ / ١٢ / ٢٠١٩ ما نصه :
" لا شكّ في أنّ الحراك الشعبيّ إذا اتّسع مداه وشمل مختلف الفئات، يكون وسيلةً فاعلةً للضغط على
من بيدهم السلطة، لإفساح المجال لإجراء إصلاحاتٍ حقيقيّة في إدارة البلد، ولكن الشرط الأساس لذلك هو عدم انجراره الى أعمال العنف والفوضى والتخريب، فإنّه بالإضافة الى عدم المسوّغ لهذه الأعمال شرعاً وقانوناً ستكون لها ارتداداتٌ عكسيّة على الحركة الإصلاحيّة ويؤدّي الى انحسار التضامن معها شيئاً فشيئاً، بالرغم من كلّ الدماء الغالية التي أُريقت في سبيل تحقيق أهدافها المشروعة، فلا بُدّ من التنبّه الى ذلك والحذر من منح الذريعة لمن لا يريدون الإصلاح بأن يُمانعوا من تحقيقه من هذه الجهة."
كما ورد فيها هذا التحذير :
" ونعيد هنا التحذير من الذين يتربّصون بالبلد ويسعون لاستغلال الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح، لتحقيق أهدافٍ معيّنة تنال من المصالح العُليا للشعب العراقيّ ولا تنسجم مع قِيَمه الأصيلة." .
الملاحظ في هذه التحذيرات :
التأكيد على تدارك الأمور ( قبل فوات الأوان )، وأن يعي الجميع ( التداعيات الخطيرة )، والخشية على البلد من ( أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل الى الفوضى والخراب ) ..و يفسح ذلك المجال لمزيد من التدخل الخارجي و ( يصبح ساحة لتصفية الحسابات ) بين بعض القوى الدولية والاقليمية، ويحدث له ( ما لا يحمد عقباه ...) ..وعدم السماح أبدا بانزلاق البلد الى مهاوي ( الأقتتال الداخلي والفوضى والخراب ) .. المماطلة والتسويف في مجال الاستجابة للمطالب فيه ( مخاطر كبيرة تحيط بالبلاد ) .. العنف المفرط يؤدي ( إلى عواقب وخيمة ) .. التدخلات الخارجية المتقابلة ( تنذر بمخاطر كبيرة ) يتحول فيها البلد الى ساحة لتصفية الحسابات ... ويكون الخاسر الأكبر فيها هو ( الشعب ) .. كذلك ورد تحذير من ( أن الاعداء وأدواتهم ) يخططون لتحقيق ( أهدافهم الخبيثة ) من نشر ( الفوضى والخراب والإقتتال الداخلي ) ومن ثم إعادة البلد إلى عصر ( الدكتاتورية المقيتة ) .. كذلك ورد ان الشرط الأساس للاصلاحات هو عدم إنجرار البلد ( إلى أعمال العنف والفوضى والتخريب ) لأن لها ( إرتدادات عكسية ) على الحركة الإصلاحية ويؤدي الى انحسار التضامن معها شيئا فشيئا ..والتحذير من ( منح الذريعة لمن لايريدون الأصلاح .. كما عادت لتحذر من الذين ( يتربصون ) بالبلد ويسعون لاستغلال الاحتجاجات ( لتحقيق أهداف معينة ) تنال من ( المصالح العليا ) للشعب العراقي ولا تنسجم مع قيمه الأصيلة ...
نرجو أن تكون الأذن واعية فالأمر يستحق ذلك ..
......................
https://telegram.me/buratha