قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
مرة قرأت لكاتب نسيت من هو، ما ينطبق في كثير من التفاصيل على واقعنا، وإن كان به بعض التعسف، يقول ذلك الكاتب: "جميع الساسة يفكرون في تغيير العالم, ولكن لا أحد فيهم يفكر في تغيير نفسه"...!
والحقيقة أن ما قاله صحيح الى حد كبير؛ ويلامس مشكلاتنا بشكل واقعي، فالأدوات غالبا ما تتداخل في اللعبة السياسية، التي تمارس بعبثية مفرطة في بلدنا، محولة ما يفترض أن يكون وسيلة لبناء مستقبلنا، الى صراع شرس بكل الوسائل، تتحرك معها على الأرض، وقائع تكون في النتائج والمعطيات كارثية، كنتيجة لشراسة الوسائل، التي تمارسها مختلف الجهات مع إختلاف الغايات، لكن المحصلة النهائية لكل ذلك، هي أننا في حرب..!
يكون الأمر هينا؛ أذا كنا نطلق تسمية الحرب على عدونا، الذي ما فتيء يذبحنا منذ أن حصل التغيير في عام 2003، لكنها هذه المرة؛ حرب داخل البيت السياسي الشيعي، بات تهدد أركانه وأرضيته وسقفه وجدرانه..
الحقيقة التي يتعين الإعتراف بها، وعدم تغطيتها بأغطية التزويق اللفظي والنفاق الإجتماعي، هي أننا في وضع ليس له مثيل عند غيرنا، ولا يمكن أيضا المقايسة عليه؛ إقتداءا أو نموذجا من قبل غيرنا..!
إننا في تناقض صارخ، تظافرت عوامل شتى على إنتاجه، بعض تلك العوامل خارج إرادتنا؛ وإن كان لنا فيه يد، والباقي وهو الأكثر والأشد تاثيرا ووقعا، صنعناه بأيدينا، نتيجة لتغليب المصالح الفئوية والحزبية والشخصية، على مصالح جمهورنا ما أدى بالنتيجة، الى إنتاج نموذج مرتبك، هو أقرب الفشل منه الى النجاح، وأدى بالتالي الى بناء نموذج لدولة، تكاد فاشلة وفقا للمقاييس العلمية، وهو فشل مركب بالمعطى والسبب والنتيجة، وسوف يكون من العسير تبعا لذلك، الإنتقال من الفشل الى واقع سوي؛ إلا بثمن باهض جدا، لكن لا مناص مع الأسف لنا أن نتقبله..
ثمة مطالبات بالتغيير، في مقدمتها مطالب المرجعية الدينية، التي ما فتئت تكررها بشكل صريح، ولعل الخطوة الأولى في عملية التغيير، الذي يفترض أن نبدأه بأنفسنا أفرادا وجماعات، أحزابا وساسة وكتل وتحالفات، هي أن نتقبل فكرة أننا بنينا دولة فاشلة، لأن نصف المعالجة تتمثل بالتشخيص، لكننا تعاطينا مع التشخيص بغباء متعمد مفرط، أو بتجاهل وبرود يشق البطون..!
أحد أشكال الغباء المتعمد، والتجاهل المميت، هو أننا لم نقارب الحقائق الثابتة بشجاعة، ولم يبذل أي منا أو من قوانا السياسية؛ جهدا منظما مخلصا وممنهجا، للإقتراب من تلك الحقائق، التي تشغل مساحات واسعة من واقعنا..وبدلا عن ذلك، كنا نتلاعب بالألفاظ منكرين وقوع الإختلاف..!
كلام قبل السلام: معظم ساستنا يفهمون العمل السياسي، على أنه سوق بعناصر السوق الثلاثة؛ البضاعة والبائع والمشتري..!
سلام...
https://telegram.me/buratha