المقالات

ماذا بعد عبد المهدي؟-!

1649 2019-12-08

عادل الجبوري

 

   تشرح وتفصل المادة السادسة والسبعين من الدستور العراقي، اليات اختيار او استبدال رئيس الوزراء.  

   وتقول  المادة المذكورة المؤلفة من خمسة بنود:

"أولا: يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء، خلال 15 يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية

ثانيا: يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته، خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ التكليف.

ثالثا: يكلف رئيس الجمهورية مرشحا جديدا لرئاسة مجلس الوزراء خلال 15 يوما، عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف فى تشكيل الوزارة، خلال المدة المنصوص عليها فى البند "ثانيا" من هذه المادة.

رابعا: يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف أسماء أعضاء وزارته والمنهاج الوزارى على مجلس النواب، ويعد حائزا ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري، بالأغلبية المطلقة.

خامسا: يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح آخر بتشكيل الوزارة خلال 15 يوما، فى حالة عدم نيل الوزارة الثقة".

  ومن الناحية النظرية تبدو العملية لاول وهلة بسيطة وسلسة الى حد كبير، الا ان الواقع العملي والغوص في الجزئيات والتفاصيل، يؤشر  الى عكس ذلك تماما.  

   وفيما عدا الحكومة الاولى التي تشكلت بعد سقوط نظام صدام بعدة شهور، برئاسة اياد علاوي، تحت اشراف ما عرف في حينه بسلطة الائتلاف المؤقتة (CPI)، وليس عبر الية الانتخابات، كانت قضية التوافق والاتفاق على هوية المرشح لتولي منصب رئاسة الحكومة، ومن ثم الاتفاق على تشكيلته الوزارية يستغرق بضعة شهور، وهذا ماكان واضحا عند تكليف ابراهيم الجعفري تشكيل الحكومة في مطلع عام 2005، ومن ثم تكليف نوري المالكي بتشكيل حكومتي 2006 و 2010، ونفس الشيء بالنسبة لحيدر العبادي في تشكيل حكومة 2014، وكذا عادل عبد المهدي في تشكيل حكومة 2018، التي باتت منذ الثلاثين من شهر تشرين الثاني الماضي حكومة تصريف اعمال، بعدما وافق مجلس النواب على طلب استقالة عبد المهدي في ظل ظروف سياسية  ضاغطة جدا.

   لم يكمل عبد المهدي اكثر من ثلاثة عشر شهر في المنصب التنفيذي الاول، وجاءت استقالته بطلب ضمني من المرجعية الدينية، في اطار جهودها ومساعيها المتواصلة لتلبية مطالب الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في الشارع العراقي مطلع شهر تشرين الاول-اكتوبر الماضي، وبالتالي قطع الطريق على الاجندات والمخططات التخريبية، الهادفة الى جر العراق الى دوامة العنف والفوضى والاقتتال الداخلي.

  ولعل الكثير من الساسة  والمراقبين واصحاب الرأي يدركون ان استقالة عبد المهدي، لاتمثل الحل الحقيقي للازمة، لعدة اسباب، من بينها، ان مطالب الحركة الاحتجاجية تتجاوز الى حد كبير استقالة الحكومة، وتصل الى تعديل الدستور، وتغيير شكل النظام السياسي، ووضع قانون انتخابات جديد، واكثر من ذلك الاصرار على مغادرة الوجوه السياسية الحالية، والاتيان بوجوه جديدة لم تتلوث بالفساد، وتكون من خارج دائرة المعادلات الحزبية التي حكمت البلاد طيلة  ستة عشر عاما.

  والسبب الاخر، هو ان كمّ المشاكل والازمات الامنية والسياسية والخدمية والاقتصادية التي تأن تحت وطأتها البلاد، لاترتبط بالفترة الزمنية القصيرة التي تصدى فيها عبد المهدي للمسؤولية، وانما هي نتاج اخطاء وسلبيات تراكمت على مدى عقد ونصف العقد من الزمن، تعاقبت خلاله خمس حكومات، افتقرت جميعها الى الرؤية الواضحة والسليمة لادارة شؤون الدولة والمجتمع، ناهيك عن ان التدخلات والمؤامرات والاجندات الخارجية، فعلت فعلها في تعميق وتكريس المشاكل والازمات بدلا من حلها وحلحلتها.

  واليوم، في ظل المتغيرات والتحولات والاستحقاقات والاشتراطات الجديدة، تبدو عملية اختيار بديل عبد المهدي، اكثر تعقيدا وصعوبة من السابق.

  فلم تعد تفاهمات وتوافقات الكواليس والاروقة السياسية كافية لتسويق رئيس الوزراء الجديد، لان العنصر الجماهيري-الشعبي، بات مؤثرا وفاعلا، ولايمكن بأي حال من الاحوال تجاهله والقفز عليه.

   فضلا عن ذلك، فأن الكتل والقوى السياسية التي يفترض انها معنية بأختيار البديل وفق السياقات الدستورية واستنادا الى المادة السادسة والسبعين من الدستور، تعد بنظر الحركة الاحتجاجية، وفئات وشرائح اجتماعية واسعة، بأنها العامل الاول الاساس وراء كل مظاهر خراب البلد.

   وهذه الكتل والقوى السياسية المرفوضة اليوم، تمثل عموم الطبقة السياسية، التي جاء منها رئيس الجمهورية، وانبثق منها البرلمان، وتمددت واستفحلت عبرها الاحزاب، لذا فأنه من الطبيعي جدا ان لاتحظى خياراتها واختياراتها بقبول الشارع الغاضب.

   في مقابل ذلك، فأن هناك من يذهب الى ان تجاوز الدستور وسياقاته والياته، وتجاهل الواقع السياسي القائم، على ضعفه وعلاته ونواقصه، امر غير ممكن، بل لابد من البحث عن مسارات تصحيحية تدريجية، تساهم في احتواء غضب الشارع، وتمنع الانزلاق نحو الفوضى والاضطراب والذهاب الى المجهول، وفي نفس الوقت تستجيب لمطالب الحركة الاحتجاجية، من قبيل التوافق بصيغة او بأخرى على حكومة مؤقتة تدير مرحلة انتقالية، يصار خلالها الى اجراء تعديلات دستورية، والتهيئة لانتخابات برلمانية مبكرة على ضوء قانون جديد ومفوضية انتخابات تتمتع بمهنية اكبر بعيدا عن سطوة ونفوذ الاحزاب والقوى السياسية.   

   وهذا يعني ان على القوى السياسية الموجودة مغادرة اشتراطاتها وحساباتها الخاصة، وعلى الحركة الاحتجاجية، ايا كانت عناوينها ومسمياتها وشخوصها ان تخفض سقف مطالبها، ولو مرحليا، وتتعاطى بمرونة اكبر، تجنبا لحالة انسداد سياسي، قد تكون اثارها وانعكاساتها سلبية على الجميع دون استثناء، ولعل جلسة مجلس الامن الدولي الاخيرة التي خصصت للاستماع الى تقرير المبعوثة الاممية الى العراق جينين بلاسخارت، انطوت على اشارات وتلميحات غير طيبة، ربما لاتخرج عن  نطاق المساعي الاميركية لاستخدام الغطاء الاممي الدولي لاعادة العراق الى هيمنتها وسطوتها عبر بوابة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. وهذا ما ينبغي التنبه اليه والحذر منه ومجابهته مبكرا بمنطق الخيارات الصحيحة والخطوات الصائبة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك