عدنان فرج الساعدي
تنطلق في أرجاء البلاد تظاهرات شبابية وطلابية مطالبة بتحقيق مطالبها في العمل والسكن والعيش الكريم ومكافحة ا لفساد الذي استشرى بشكل كبير في مؤسسات الدولة مع اصلاحات في النظام السياسي الذي انبثق بعد إسقاط النظام الديكتاتوري السابق الذي حكم البلاد با لحديد والنار .
هذه التظاهرات التي عمت بغداد والمناطق الوسطى والجنوبية طالبت بعضها باسقاط النظام بالكامل وازاحة جميع ا لاحزاب التي شاركت في العملية ا لسياسية منذ عام 2003 ووافقهم في ذلك بعض المحللين السياسيين الذين ظهروا في الفضائيات وهم ينتقدون ( حكم الاحزاب ) للبلاد فيما ان هذه الاحزاب بالواقع هي ممثلة للطوائف والمكونات المجتمعية العراقية وهذا التمثيل واضح في كابينات الحكومات ا لمتعاقبة او في مجلس النواب او في مجمل الدرجات الخاصة في وزارات الدولة ومؤسساتها .
لذلك ننصح من يصر على القول بأن مشاكل البلاد بسبب ( حكم الاسلاميين ) بمراجعة نفسه فان هذا المرتكز لا يمثل الحقيقة اطلاقا وهو واهن جداً .فمتى كان الاسلاميين وحدهم في الحكم ومتى كانت هذه الطائفة او تلك هي الحاكمة بل ان الحقيقة التي لا تنكر ان الجميع شارك من اقصى اليمين الى اقصى اليسار فان كان الكلام عن فشل فهو فشل الجميع واما اذا كان الكلام عن نجاح فهو انجاز للجميع.ونحاول قدر ا لامكان ان نحاكم ا لتجربة السياسية محاكمة عادلة غير متأثرة بالعقل الجمعي الذي يتحدث بامور خارج العقلانية والاطر العملية ا لمهنية في حسابات الربح والخسارة في هذا الجانب المهم من تاريخ العراق الحديث .
فنحن ننظر الى التجربة انها اعترتها الكثير من ا لجوانب السلبية وعانت من النواقص الكثيرة وزاحمتها الكثير من التحديات ومنها أفة الفساد والمحاصصة التي فتكت بالاقتصاد العراقي وفي البنية الاجتماعية.
الا اننا في نفس ا لوقت لا يمكننا ان ان نحكم عليها بالفشل الذريع التام والمطلق فقد تم تحقيق العديد من المنجزات في شتى الميادين السياسية و الاقتصادية والتنموية والحريات
يقول الامام الشافعي رضي الله عنه وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة / و َلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاؤي
ومناسبة هذا القول هو اننا رأينا أجندة معادية دخلت على الخط لتشوه كل شيء مع حشدا كبيرا من ا لمحليين والكتاب والناشطين ينشرون ويركزون على الجوانب السلبية فقط بل و يضخمونها ثم اصبحوا اداة ترويجية وتثقيفية نحو السلبية بحيث اصبح اغلب المواطنين العراقيين ينتهجون هذا النهج واغلبهم دون دراية او تمحيص .
لقد واجه النظام السياسي الجديد تحديات كبيرة جدا وهائلة ألقت بظلالها على المشهد بجميع جوانبه الامنية والسياسية والاقتصادية فوجود 150 الف جندي امريكي مع سيطرة كاملة على الارض والجو كان يمثل تحديا كبيرا وضاغطا .
ثم ما لبثت ان انبعثت مقاومة لهذا الاحتلال مع اعمال عنف شاملة في بغداد والمناطق الوسطى والفرات الاوسط والجنوبية قادتها القاعدة والتنظيمات المتطرفة أدت الى الالاف من التفجيرات والحوادث الارهابية شملت الاسواق والجامعات والمجمعات والوزارات والمدارس والجوامع والحسينيات والمراقد وجميع المرافق الاجتماعية حيث مثلت تحديا كبيرا للحكومات مع انها لم تستكمل بناء الجيش والاجهزة الامنية والشرطوية الا في وقت متاخر.
ومع ذلك فقد شابت عملية التأسيس العديد من المشاكل في موضوعات الفساد والمحسوبية والمنسوبية والاختراق وحتى التسليح حيث تعمدت الولايات المتحدة تأخير تسليح الجيش و القوى الامنية وحسب اعتراف المسؤولين العراقيين وحتى وسائل اعلام امريكية اشارت الى ذلك ..
مع نشوب حرباً طائفية مؤسفة بعد تفجير المرقدين ا لعسكريين عليهما ا لسلام في سامراء عام 2006 وكارثة جسر الائمة في الاعظمية وقتلاً على الهوية في مناطق عديدة في المحافظات الغربية والوسطى انتهت الى غير رجعة باذنه تعالى .
عموما نعتقد ان مراجعة سريعة لموقع الجهاز المركزي للاحصاء الالكتروني تثبت ان العديد من المنجزات الاقتصادية و التنموية والخدمية والمعاشية قد تحققت للفترة من عام 2003 الى عام 2019 وقسم منها على و شك الانجاز مع الاشارة ا لى النقص الكبير في ملفات عديدة في ا لبنية التحتية والاسكان والفقر.
وقد يستغرب حتى الاعلامي من الارقام حين يراها ويعتقد انها مفبركة ولكنها حقيقية ولكن طواها النسيان نتيجة التعمد في عدم الاشارة اليها و نتيجة الضغط الاعلامي السلبي الهائل والتسقيط بين الاحزاب المشاركة وغير المشاركة في الحكومات على حد سواء .
https://telegram.me/buratha