عدنان فرج الساعدي
ليس غريباً أن تفصح الادارة الامريكية عن مخططاتها ضد الدولة العراقية .فمنذ انطلاق التظاهرات في الاول من تشرين الاول الماضي كانت هناك اجندة امريكية فيها وهي واضحة تستهدف بنية النظام السياسي، ووجدنا عدد ليس بالقليل من المتظاهرين من يرفع الشعارات التي تؤيد ما نذهب اليه.
لم تكن الادارة الامريكية راضية على اختيار السيد عادل عبد المهدي لتسنم رئاسة الحكومة باتفاق سائرون – الفتح، بل كان ماكورك يعمل لان تكون رئاسة الوزارة لتحالف الاصلاح . الا ان الرياح جرت على عكس ما كان يريده الامريكان .
عموما لابد من ا لاشارة الى ان الادارة الترامبية ترى ان العراق هو العائق الوحيد امام تنفيذ صفقة القرن التي عقدها ترامب مع أمراء الخليج حيث حلب منهم مئات المليارات من الدولارات.
وبعد ان اصدرت الادارة الامريكية عقوبات تلتها عقوبات على ايران رأينا ان السيد عبد المهدي لا يتوانى في طرح رايه بصريح العبارة من إن ا لعراق لن يلتزم باي عقوبات امريكية على ايران كونها صادرة عن ادارة امريكية وليس من الامم المتحدة او مجلس الامن الامر ا لذي اغاض ادارة ترامب .
ثمة أمر أخر يمكن التنويه عليه وهو ان الادارة الاقتصادية للسيد عادل عبد المهدي لاحت نتائجها الاولية في الافق لذلك سارعت بعض دول الخليج الى تاييد الادارة الامريكية في الضغط على حكومة بغداد بغية تعويق برامجها التنموية والاقتصادية خصوصا اذا عرف قارئ المقال ان تصدير السعودية للنفط يعادل ضعفا كمية العراق المصدرة من النفط ( اكثر من 11 مليون برميل يوميا) لذلك فمن المصلحة ان تبقى الدولة العراقية على هذا المستوى من التصدير او خلق العوائق من اجل تقليله ان امكن ذلك.
اما موضوعة الحشد الشعبي الذي اصبح اكبر قوة عسكرية ضامنة لحماية العراق بما يمتلكه من عقائدية وشجاعة منقطعة النظير وكانت له صولات وصولات في القضاء على الدواعش وتحرير الارض. فكانت هذه الموضوعة مثار اهتمام جدي من الادارة الامريكية والسعودية والامارات التي بذلت ما في وسعها من اجل الغاء وجوده او حتى تذويبه ضمن المؤسسة العسكرية . لكن هذا ا لامر لم يفعله عبد المهدي بل اصدر امرا ديوانيا ينظم هيكيلته وحركته وتفاصيله الداخلية . مما قطع الشك باليقين حول الاحاديث التي كانت تترقب انهاء وجوده و الغاءه.
وكم حاولوا توريطه في الدخول في ملف التظاهرات والتصادم مع المتظاهرين بقصد شيطنته لكن خاب مسعاهم بفطنة العراقيين.
ويبدو ان القشة التي قصمت ظهير البعير هو الاتفاق الصيني العراقي وفتح معبر البوكمال والاتفاق مع الشركة الالمانية سيمنس لتطوير الشبكة الكهربائية في ا لعراق.
ان التظاهرات التي انطلقت بداية الشهر العاشر من هذه السنة والتي انطلقت سلمية وحمتها القوات الامنية سرعان ما تبدل خطاب مجموعة منحرفة منها انحرفت عن السلمية بشكل واضح من حيث الشعارات ومن حيث الحركة الغريبة التي تمثلت في احراق المباني وقطع الشوارع واضرابات حاولت شل حركة الدولة وتطورت الى التصادم مع قوات الامن حيث ضربت بالقنابل والرمانات اليدوية والاسلحة الحادة وقطع شارع المطار وحرق الاطارات في جميع الشوارع وشل حركة اقتصاد البلد مع تعطيل قسري لدوائر الدولة والمدارس .
ومما يجدر التنبيه اليه هوعدم وجود قيادة او تنسيقية محددة يمكن التفاوض معها نيابة عن المتظاهرين وهو امر كان مقصوداً حيث اعترف احد قيادات البعث في الخارج وهو مازن السامرائي حيث تحدث في مقابلة تلفزيونية اجرتها معه فضائية عربية انهم على تواصل تام مع تنسيقيات التظاهرات لضبط حركة الاحتجاج بشكل يومي . وهذه التنسيقيات لم تظهر للعلن ابدا في اي ظهور اعلامي.
ناهيك عن وجود صفحات متعددة في الفيسبوك تنشر توجيهات للمتظاهرين (المنحرفين) وهم يلتزمون بها حرفيا تمثلت بقطع الجسور والشوارع..
عموما المخطط الامريكي قد فشل تماما بجميع صفحاته بفضل توجيهات المرجعية الدينية ونصائحها المستمرة وقد كشف بعض خيوطه دونالد ترامب وبومبيو وهم يتحدثون عن ما يفترض ان تعمله الحكومة العراقية من انتخابات مبكرة (واضح انه مشروع امريكي) او كيفية التعامل مع المتظاهرين وعن التخلص من النفوذ الايراني وكانهم اوصياء على الحكومة والغريب ان ترامب لم يلتزم حتى باللياقة الدبلوماسية حينما عبر عن فرحه بحرق القنصلية الايرانية في كربلاء من قبل مجموعات منحرفة عبر تغريدة له في تويتر؟ وجاء الرفض والاستنكار سريعا لهذا التدخل السافر في شؤون البلاد من بعض زعماء الكتل السياسية ومنهم الامين العام لحركة عصائب اهل الحق الشيخ قيس الخزعلي الذي رد على بيان البيت الابيض الاخير المتعلق بمظاهرات العراق. في تغريدة "تويتر” ، ان "تصريح البيت الأبيض كشف عن حجم التدخل الامريكي في الشأن العراقي وهو دليل ان مشروع الانتخابات المبكرة هو مشروع أمريكي بالأساس يُراد إحياءه رغم ان المرجعية الدينية رفضته سابقا عندما أكدت على الانتخابات الدورية”. وان "الكلمة الاخيرة كلمة المرجعية المعبرة عن مطاليب الشباب المتظاهر”.
كل هذا يثبت وبما لا يقبل الشك انهم خططوا للاطاحة بالحكومة العراقية وكذلك الاطاحة بالنظام السياسي بغية التاسيس لنظام اخر يخدم مصالهم بقوة بعد ان تيقنوا ان من الصعب ان تنقاد هذه ا لحكومة اليهم كما انقادت دول الخليج وامدتهم بمئات المليارات من الدولارات.
https://telegram.me/buratha