محمد كاظم خضير
في بداية التظاهرات ، من خلال التظاهر للطلب بتأمين لُقمة عَيشهم، وتخفيف المعاناة عن الشعب الفقير والمقهور، التفّ الشعب العراقي كله حول هذا التظاهرات وهذه المطالب، التي هي مطالب الناس كلها.
ومن يوم الى يوم، بدأت اللهجة تتبدّل، وأصبحت المطالبة إلى جانب، الإصرار على إسقاط الحكومة.
لقد نَسِيَ العراقيون أنّ بلدهم قائمٌ على دستور ونظام برلماني، الذي من خلاله تمرّ كل التشريعات، وقد كلّف ذلك الشعب العراقي حروباً ودماءً وخراباً وتهجيراً وغُربةً على مدى أكثر من ١٦ سنة منذ ٢٠٠٣.
إذن، ما الذي نشهدهُ الآن؟
إنه عصيانٌ لم يشهده العراق من قبل، وقد تمّ تنظيمه بواسطة أدمغة متخصِّصة عراقية وأجنبية.
إنّ ما يؤكّد استنتاجنا هذا، هو التصريح الخطير الذي أدلى به الشيخ قيس الخزعلي في 8/23 /2019، أي قبل أشهر فقط من اندلاع ثورة الجياع في العراق والتي ما زالت مستمرّة لليوم 31 على التوالي، مع شللٍ شبه كامل لكل شرايين الدولة الاقتصادية والتربوية والمالية والمصرفية والفندقية والخدماتية.
لقد جاء في تصريح قيس الخزعلي ، أنّ الولايات المتحدة الأميركية ستزرع الفوضى الكاملة في العراق ، بحيث أنّ الكل سينهار بعد ذلك.
لنتساءل لماذا الولايات المتحدة تريد هذا الشرّ العراق ؟
الجواب واضح:
١- إصرار رئيس الوزراء عادل عبد المهدي علئ توقيع اتفاقيات اقتصادية مع الصين في ظل الحرب الاقتصادية مع أمريكا.
٢- تمسُّك رئيس الوزراء بالحشد الشعبي، بعدم التعرّض لحشد الله واعتباره منظّمة إرهابية كما يريد الأميركيون، وذلك أمام كل الوفود الأجنبية والعربية، وبشكلٍ خاص الأميركيين، بل بالعكس الدفاع عنه واعتباره مُكوِّن أساسي شيعي في التركيبة العراقية التوافقية السياسية.
٣- رفض العراق طلب أمريكي برفض فتح معبر بو كمال التنازل رغم الزيارات المتكرِّرة للموفد الأميركي الى العراق ، وذلك إرضاءً لمصلحة الكيان الصهيوني.
أمام هذا الإصرار القوي لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي بعدم التفريط بأيٍّ من هذه الأمور الثلاثة، نفّذ الأميركيون والإسرائيليون تهديدهم بالانتقام من الدولة العراقية ورئيسها، من خلال المنظّمات المدنية التي يسيطرون عليها وعلى رأسها أحزاب العلماني، بمشاركة صامتة وغير منظورة لبعض الأحزاب العراقية المتخاصمة مع عادل عبد المهدي.
لقد بلغت درجة السُباب والشتيمة ضدّ المرجعية ورئيس الوزراء درجه من قلّة الأخلاق، لم يشهدها أيّ بلدٍ آخَر في الشرق الأوسط العربيّ، وذلك من على شاشات ثلاثة محطات تلفزيونية عراقية وخمسة محطات أجنبية ناطقة باللغة العربية، أوقفَت كل برامجها وإعلاناتها، لتكون في خدمة هذا المخطّط الأميركي الفوضوي.
يُقالُ أيضاً، أنّ بعد تسقيط دور مسؤولي الدولة المدنيين، سيأتي دور رؤساء رجال الدين ، لكي تُحكَم الدولة مدنياً فقط، ولا يعود لرجال الدين أيّ تدخّلٍ في شؤون السياسة والدولة، لكي يتسنّى لهم بعدها، إقرار كل القوانين التي لا تتوافق مع التعاليم الإلهية الإسلامية .
ماذا سنتوقّع إبتداءً من غداً الخميس أي في اليوم 31 ، خاصةً بعد أن أفصح مُنظِّمة عن وجوههم وعدد منظّماتهم المستحدثة؟؟؟
لقد تريّث الحكم في استخدام الجيش لحسم الأمر، لكي يفسح في المجال أمام الإصلاحات التي أقرّها مجلس الوزراء الثلاثاء، ليرى ردّة فعل مُحرِّكي الشارع.
وجا الردّ مفاجِئاً: لا لكل ما تُقِرّونه، عليكم الرحيل كلكم، ونريد تغيير كل الطقم الحاكم منذ ١٥ سنة.
ولكن كيف؟ وما الذي يضمن استمرارية الحياة المشتركة التي تحفظ حقّ كل طائفة وفق ما نصّه الدستور!!!
غيومٌ ضبابية ترفرف فوق مستقبل البلد، وقد يكون الآتي أعظم بكثير ممّا شاهدناه في الأيام الستة الماضية. والله وحده يعرف ما ستكون ردّة فعل عادل عبد المهدي وحلفاؤه في الأيام الثلاثة القادمة، وقد تنقلب ربّما الطاولة على جميع مَنْ خطّطوا لضرب الدولة ، ويكون هكذا قد انقلب السحر على الساحر.
https://telegram.me/buratha