المقالات

ضفة المواطن، ومحاولات الحوسمة..!

2128 2019-10-26

كاظم الخطيب

 

  الأحزاب السياسية: هي تلك العوالق اللزجة التي تلتصق بكل شيء يخص المواطن، وهي من العوالق الضارة عادةً، إذ تقدم مصلحتها الحزبية  على الدوام وفي أحلك الظروف  على مصلحة الوطن والمواطن، وقد تحلى كثير من هذه الأحزاب بصفة حربائية، وليونة زئبقية؛ فهي تحاول دائماً أن تتلون بألوان كأنها الوطنية، وتتخذ شكلاً مشابهاً للمواطنة، لتكون لصيقة بالمواطن ومحيطة به من جهاته الأربع.

 عندما سقط نظام البعث الفاشي.. تصدرت هذه الأحزاب الواجهة السياسية، وتبنت الشأن العراقي بشكل مطلق( فلاحة ملاجة) ودون دعوة من أحد، ما خلا دعم أمريكي، وتأييد شعبي فئوي، وقد عملت هذه الإحزاب على تغذية الحس الطائفي، و وتنمية النزعة القومية لدى مؤيديها، مما خلق جواً مشحوناً بالعداء والكراهية، والذي أسهم في تمزيق النسيج الوطني، وإضعاف أواصر اللحمة الوطنية، وتوالت مصائب الأحزاب تتساقط كالمطر على ضفة المواطن، الموازية للضفة الملكوتية الخضراء لتلكم الأحزاب، فقد أمطرتها بوابل من البلايا، وسجيل من الرزايا، بدعوى دفاع أحزاب سنية عن حقوق أهل السنة، ودفاع أحزاب شيعية عن حقوق الشيعة، ودفاع دعبول وأمثاله عن شرب  الخمور، والدعوة لممارسة ألوان الفسق والفجور ، فيما ذهبت أحزاب كردية إلى أبعد من ذلك بكثير، بحيث عملت جدياً على الإنفصال عن العراق، من خلال إستفتاء مشؤوم، كاد أن يجر البلاد إلى كارثة خطيرة، وقد  أدى هذا السلوك السياسي الذي تبنته الأحزاب إلى تدهور شامل في جميع المجالات العامة والخاصة، حتى وصل الأمر إلى إحتلال البلاد، وقتل وتهجير العباد، عندما سقط ثلث الأراضي العراقية بيد الدواعش، شذاذ الآفاق، ونواة الكفر والنفاق، حينها بادرت أحزاب سنية بسرقة المخيمات ونهب مستحقات النازحين، فيما قامت أحزاب شيعية، بأخطر مؤآمرة؛  وهي تسييس الحشد الشعبي، الذي إنطلق بفتوى قدسية وطنية شريفة، فأخذ قادة الأحزاب والكتل هذه المرة يتلونون بألوان جهادية، ليصادروا شرفية الحس الوطني لدى المجاهدين، فيما أصبحوا هم أمراء حرب لا يمتون لفتوى الجهاد بصلة، ما عدا بعض الفصائل التي لم تتحزب، وبقيت تحت مظلة المرجعية المباركة.

 عندما تم النصر على دواعش الكفر والإلحاد، تنافست هذه الأحزاب على إستقطاب دواعش البعث الكافر، لتقوية جبهتها السياسية، بدعوى عبور الطائفية، ولم تراعي في ذلك حقوق الأرامل والأيتام التي خلفها نظام البعث في سني حكمه، وبعد سقوط صنمهم المقبور، فقد منحت إمتيازات خاصة، ورواتب خيالية لسفاحي البعث، وسائحي رفحاء، في صفقة فريدة من نوعها، عندما تصالح الضحية  والجلاد- فدائيوا  صدام ومجاهدوا رفحاء- على حساب الشرفاء من أبناء هذا الوطن، والعمل على حرمان المواطن الشريف من أبسط حقوقه، في العيش الكريم الذي كفله له الدستور العراقي، واليوم وعندما طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، وثار الشعب على ظالميه، وبرزت نوعية شعبية جديدة لم تألفها هذه الأحزاب، والتي تمثلت بشباب ثائر على كل ما هو حزبي، ناقم على كل ما هو فاسد، حينها تلونت هذه الأحزاب بألوان شتى ليوهم كل منها أولئك الشباب بأنه إلى جانبهم، وهو الحزب الوحيد الذي يحرص على ضمانة حصولهم على حقوقهم المسلوبة، التي سلبت من قبل هذا الحزب نفسه مع باقي الأحزاب الأخرى.. وقد إتخذ بعض هذه الأحزاب في حكومة السيد عادل عبد المهدي، خيار المعارضة، ولست أدري معارضة من لمن؟

 لكنها معارضة..! .

 وقد إستبشر بعضهم بهذه الخطوة خيراً، وعدها دليل عافية سياسية  من شأنها تعزيز الثقة في السلوك السياسي الذي تبنته هذه الأحزاب.

 إلا إن هذه المعارضة لم تقدم  للمواطن شيئاً يذكر، سوى محاولات واضحة، لتعرية رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي؛ ذاك الذي كان على الدوام في مقدمة رجالاتها، من نخبها السياسية الفذة.. واليوم وبعد أن أصبح ركوب الموجة هو الأسلوب الأمثل، لإيهام الشارع بأن المتباكون على سمعة الشباب الثائر،  هم على ضفة المواطن، من خلال إلقاء اللائمة على رئيس الوزراء الحالي، ومحاولة التنصل من تبعات فسادهم، وإفسادهم، وقيامهم على مدار ستة عشر عاماً بشل حركة نهضة البلاد، وسرقة خيرات العباد.

 وعلى الرغم من قناعة كثير منهم بأن هذه الأوهام، وتلكم الترهات، قد أكل عليها الدهر وشرب، وأنها لن تجد لدى المواطن صدىً، ولن تغير من صورهم الكالحة والراسخة في مخيلته شيئاً.. تلك الأحزاب والكتل السياسية التي لم يبد أي منها، في ما سبق من عصرهم الذهبي، إهتماماً حقيقاً يذكر بالمواطن، ما خلا أيام وليالي الأعراس الإنتخابية، التي كانت دائماً ما تتسم بمبدئية الناخب، وخيانة النائب.

 بحيث يُترَك الناخب هو وهمومه مركوناً على الرفِ بعد نهاية كل موسم إنتخابي، حتى الموسم الإنتخابي القادم، فيما يتنازع النائب، على المناصب والمكاسب التي يمكن أن تحتويها سلته الانتخابية، على حساب عدد الأصابع البنفسجية التي كان يحدوها الأمل، بأن تجد الشرف والنزاهة، والأمانة والوطنية، في زمن غابت فيه مخافة الله، وخلا من الضمير الحي....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك