طيب العراقي
في أفق الزمان القريب الفائت؛ جرى تأجيل إنتخابات مجالس المحافظات عدة مرات، وهي إنتخابات كان من المؤمل أن تجري بالتوازي مع إنتخابات مجلس النواب الحالي، اي قبل أكثر من سنة ونصف من الآن، تم التفكير بهذا الخيار؛ بسبب ظروف البلد الأمنية والتكاليف المالية، التي أملت بواقعية أن نتجه نحو دمج تلك الأنتخابات؛ بإنتخابات مجلس النواب، لكن ظروفا سياسية لسنا بصددها الآن حالت دون إنجازها، مع أن ذلك كان ممكنا وبيسر.
مفوضية الانتخابات هي الأخرى وبدهاء ومكر واضحين، وضعت العصي آنذاك وما تزال تضع ؛ بدولاب فكرة إنجاز الإنتخابات المحلية والتشريعية بتوقيت واحد، وصورت ذلك وكأنه سيهدم البيت الديمقراطي العراقي على رؤوسنا، لكن الحقيقة تكشف أن المفوضية لو قامت بإنجاز الإنتخابات كحزمة واحدة؛ ستبقى بدون مبرر وجود لمدة أربع سنوات مستمرة، لا سيما وأن فكرة إلغاء مفوضية الإنتخابات؛ والإستعاضة عنها بتكليف القضاء العراقي، بإجراء الإنتخابات إسوة بأغلب دول العالم الديمقراطية، كانت مطروحة وتلقى رواجا لدى الأوساط السياسية والحكومية والشعبية، وهو موضوع لا يسر المفوضية بالتأكيد..!.
هنا سنتناول موضوعا مهما، وهو قضية تحديث سجلات الناخبين، إذ أنها تشكل مهمة وطنية كبرى، حيث تكتسب هذه الجزئية الفرعية، من عملية الإعداد للأنتخابات أهميتها، من كوننا لا نمتلك بالحقيقة؛ ما يمكن الركون اليه رسميا، وإعتماده كمرجع موثوق، لتحري أوضاع السكان في العراق، يتناول أعدادهم، وتوزيعهم، وأعمارهم، ومن هو منهم مؤهل لأن يشارك في الأنتخابات.
في زمن نظام الطاغية صدام؛ وتحديدا عام 1997؛ كان قد أجري إحصاء للسكان، وهو إحصاء لم يشمل محافظات أقليم كوردستان آنذاك؛ لأنها كانت خارج سلطة الدولة كما هي اليوم، فضلا عن أنه لم يكن ممكنا أجراؤه؛ في مناطق واسعة من وسط وجنوب العراق، لأن سلطة الدولة هناك كانت مهترئة، حيث لم يكن بإمكانها الحكم؛ أبعد من مراكز المحافظات، ولذلك لم يعتمد رسميا.
كما أن أحصاء 1977 الذي كان تجريبيا، لم تعتمد مؤشراته، لأنها لم تكن هي الأخرى دقيقة، وهكذا بقينا نعتمد أحصاء 1957؛ الذي بيننا وبينه 62 سنة بالتمام والكمال!
اليوم يعتمد العراق في متابعة وتخطيط إحتياجات سكانه، على مؤشرات البطاقة التموينية وسجلات وزارة التجارة فقط، التي نكتشف دوما أنها تعطي مؤشرات خاطئة، إذ يكتنفها كثير من التزوير والأخطاء والتكرار، وبقاء أسماء المتوفين والمسافرين والإرهابيين أيضا!.
لذلك لم يكن من بد من ركون مفوضية الأنتخابات، الى عملية تحديث سجلات الناخبين، فهي تعطي مؤشرات ونتائج مقبولة الى حد ما..لكن ثمة مشكلة يتعين أن تلتفت إليها المفوضية، وتعالجها قبل فوات الأوان.
تتمثل المشكلة في أن ظروف البلاد الأمنية، والأحداث المتسارعة التي جرت منذ حزيران 2014، حدت من قدرة المواطنين على التحرك، كما أن التثقيف على أهمية تحديث سجلات الناخبين، لم يكن بالمستوى المطلوب، إضافة الى أن المواطن عموما؛ لا يرغب بمراجعة مؤسسات الدولة.
إن المفوضية؛ مدعوة أن تضغط قليلا على كوادرها وجهازها الفني الذي لا نعلم ماذا يعمل!، وترتب أوضاعها مجددا، وتستثمر الوقت الطويل؛ الذي يفصلنا عن الإستحقاق الإنتخابي المحلي، في الأول من نيسان 2020، وتأتي الينا بجهازها الوظيفي الى بيوتنا، وتطرق ابوبانا لتحديث سجلات الناخبين.
المفوضية إن فعلت ذلك، تكون قد أسهمت بزيادة الناخبين المتوقعين، ما ينجح العملية الأنتخابية، ويعطي مؤشرات إيجابية جدا عن عمل المفوضية، ويدفع بالعملية السياسية نحو نتائج أكثر مصداقية.
كل ذلك يجب أن يحصل دون أن تطلب المفوضية، أموالا أضافية لتنفيذ هذه المهمة..!
نسخة منه الى رئاسة الوزراء مع التحية.
ـــــــــــــــــــ
شكرا 26/9/2019
https://telegram.me/buratha