طيب العراقي
ربما كنت قد كتبت شيئا ما مثل الذي أكتبه اليوم؛ وربما كتب فيه غيري كثيرا، وأكثرهم كانوا يعودون الى جذور التاريخ، حيث أولى محاولات البشر لإنشاء دولة، فكانت الدولة السومرية، وبعدها الدولة الأكدية والبابلية والآشورية وغيرها، عناوين مغرية للكتابة في هذا الموضوع.
بيد أن كل تلك التشكلات لم تبنِ دولة حقيقية، بل كانت كلها إمارات أو أنظمة للحكم؛ على أجزاء من بلاد ما بين النهرين، فقط كانت المحاولة الأولى لتشكيل دولة عراقية، بنظام راقٍ متكامل قد أنجزت في القرن الأول الهجري، من حاكم عراقي أصيل، هو علي بن أبي طالب عليه السلام..
عراقية علي بن ابي طالب عليه السلام ليست موضوعنا، فهي أمر مفروغ منه تماما، فهو من نسل أبي الأنبياء، النبي العراقي إبراهيم عليه السلام.
بعد أن إنثالوا عليه إنثيال الغنم، مبايعين وهو لها رافض، بقولته التي باتت واحدة من أكبر مقولات التاريخ، يا دنيا غري غيري، إتخذ إبن أبي طالب عليه السلام، وهو الخليفة الأول بعد ثلاثة حكام، حكموا بعد رسول الله صلواته تعالى عليه وعلى آله وسلم، قرارا هو الأحكم المحكم، بين كل قراراته الصائبة دوما، فقد قرر نقل دولته الى العراق!
إبتعد علي بن ابي طالب عليه السلام مختارا ومجبرا، عن البيت العتيق بمكة، الذي شق لولادته المباركة، وعن مرابع صباه، وعن آثار إبن عمه الرسول الأكرم صلواته تعالى عليه وعلى آله وسلم ، مؤسس دولة الإسلام، فلقد وجد انه إزاء مهمة تاريخية فوق العادة، ليؤسس شيئا إسمه دولة! وهو أمر ما كان يعرفه العرب، الذين اعتادوا سلطة القبيلة ولا شيء يعلو، فذهب الى حيث الذين يعرفون معنى الدولة.
لقد كان أمام حيدرة الكرار خياران أو إختياران؛ مصر وبينه وبينها بحر! والعراق وليس بينه وبين علي عليه السلام؛ إلا قفار مأهولة بقبائل أكثر تحضرا، من قبائل محيط مكة، وهذه القفار يمكن أن تطويها الجمال!
هكذا ذهب الخليفة الجديد الى العراق، وهناك تأسست أول وآخر دولة؛ للعدالة عرفتها البشرية.
طوى التاريخ صفحات مؤلمة بعضها مخزٍ، ومنها صفحة اغتيال علي، ومن بعده ولده الشهيد الحسين حفيد الرسول، وكل أسرته صلواته تعالى وسلامه عليهم، في المكان الذي إختاره لبناء دولته، إلا أن اختيار علي عليه السلام للعراق، مقرا لدولته كان أمراً ذا دلالة كبرى.
لم يكن اختيار علي عليه السلام للعراقيين، ولبلدهم العراق مقرا لخلافته ودولته، أمرا اعتباطيا حاشاه عليه السلام، فهو سيد الحكماء، وقد حسبها جيدا، فوجدهم أهلاً لذلك، فهو صاحب مشروع حضاري كبير، هو بناء دولة العدل الإلهي، وهو المشروع الذي كلفه تعالى بالنص القرآني المحكم؛ « (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلاَمَ دِيناً).
العراقيون بناة حضارة أصلاء، خسروا تجربة الإمام عليه السلام، لكن عليهم أن لا يخسروا العراق، الذي تأسس كدولة على يد علي عليه السلام.
لكي ينهض العراقيين من جديد، عليهم أن لا ينسوا التأسيس وأسبابه وإرهاصاته، وعليهم أن لا يخروا صرعى ثقافات الإستلاب الغربي، أو الاستعراب المعادي لمنهج علي عليه السلام.
ليس في الأمر غرابة حين نكتشف؛ أن الإستغراب والإستعراب، تطابقت اليوم أهدافهما تماما، مع محاولات تدمير العراق، بعد فشل تجربة داعش؛ التي كان طرفا في إستحضارها..!
أمريكا قرأت تأريخ العراق جيدا، ووجدت أن أتباع علي عليه السلام هم حملة رسالته، وأنهم بناة دولة العدل الإلهي المنتظرة، وهي دولة تمثل النقيض التام؛ لمشروع الهيمنة الأمريكي الصهيوني الكبير، بكل أبعاده وأدواته، ولذلك يشن الأمريكان حربا لا هوادة فيها على العراقيين وجلهم أتباع منهج علي عليه السلام، بما هم حملة الرسالة النقيضة..
التدخين سبب رئيسي لمرض السرطان وامراض القلب والشرايين ، أمريكا سبب كل مشكلات العراق ، وفي مقدمتها الفساد ، بما فيها الطبقه السياسيه الفاسده ، وتنظيمات الجريمة والإرهاب ابتدأً من تنظيم القاعدة وذيله الداعشي وما سيتلوه.
الضربات القوية تهشم الزجاج لكنها تصقل الحديد!
ـــــــــــــــــــــ
شكرا 17/9/2019
https://telegram.me/buratha