عبد الحسين الظالمي
يعرف في الوسط الفني والاخراج السينمائي والمسرحي نمط او قاعدة تسمى تضخيم الحدث والمبالغة في اظهاره حتى يتمكن المخرج من شد ذهن المتلقي اليه وحتى يبقى الحدث ماثلا في ذهن المشاهد لااطول فترة ممكنة ...
هذه القاعدة بقصد او بدون قصد اخذت حيزا كبيرا في قضية اظهار واقعة كربلاء والتي تمحورت في عدة محاور اولها قسوة الحدث ،
والمظلومية الكبرى ، اهمية الضحايا تنوعهم ، اسلوب الحدث ، بعده العقائدي والروحي .
كل محور من هذه المحاور حتى يمكن ابرازه بشكل الذي يرسخه في ذهن المتلقي ونتيجة تعدد الاطراف التي تعمل على هذه القضية فتميزت باساسين الاول تضخيم الحدث وابراز تفاصيله من خلال تصويره بصور قريبه نسبيا لفهم المتلقي من خلال ادخال الشعر مثلا وما يرتجز على لسان ابطال الحدث ( لسان الحال ) او طريقة كل واحد منهم بالقتال اوطريقة تقسيم الواقعة الى عشرة ايام بشكل الذي يمكن القائمين على تصوير الحدث من ايصال غايتهم للمتلقي حول بعض من ابطال الواقعة او التركيز على قضية الماء والعطش لابراز المظلومية والقساوة ، مع اساس اخر وهو استخدام العاطفة لتحريك مشاعر المتلقي وشده عاطفيا مع الحدث وهذا يحتاج الى التركيز على الامور التي تداعب عواطف المتلقي ، ليلتقي التضخيم مع العاطفة في رسم الصورة سواء كان ذلك عند الخطباء او الرواديد او تمثيل الواقعة وكل ذلك كان يجب ان يجري بشرط مهم جدا وهو عدم التحريف او الزيادة المخلة باصل النص فمثلا عندما يراد ابراز هول مصيبة زينب والفاطميات يذكر البعض (وخرجن ناشرات الشعور لاطمات الوجوه والصدور ).
هذا التصوير الذي اريد به تقريب الصوره لتحاكي ذهن المتلقي بتصوير هول المصيبة اخرج الحدث من مساره وادخله في مسار مخالف لحشمة صاحبات الحدث اذ كيف يتصور المتلقي هذا التناقض بين من لم يرى لهن خيال وبين كشف الشعر الذي يعد مخالف للشرع امام الاجنبي من بنات رسول الله ؟
او حتى يضخم حدث العطش والحرمان من الماء لبطل من ابطال الواقعة وهو علي الاكبر سلام الله عليه وهو يطلب من والده شربت ماء وهو العالم بحال ابية! او احدهم يصور رقية وهي تجلب الماء الى جسد المولى بواسطة ملابسها وتعصر الملابس على الجسد الطاهر وقد فارق الحياة.
او احدهم يصور قضية زواج القاسم ابن الحسن في ليلة الواقعة متناقض مع اخر يقول ان ابطال الواقعه قضوا ليلتهم الاخيره بالدعاء والابتهال وقراءة القران؟!
كيف يحدث ذلك ويصور عرس القاسم والزفة والشموع ؟ طبعا القصد واضح يراد من التضخيم والعاطفة اعطاء الحدث ابلغ صورة تحاكي عقل وعاطفة المتلقي ( يمه ذكريني من تمر زفت شباب ) رغم انها تفرض في زوايا العقل اشكال على التفاصيل . كل ذلك يجري بشكل تنافسي
وجتهاد كلا حسب طريقته لبراز الحدث دون التدقيق في قضية الخروج من النص او مخالفته باعتبار ان عرض الواقعة عمل شعبي جماهيري لازال غير مسيطر عليه وغالبا ما ينشد الخطيب او الرادود او المخرج تفاعل الجمهور ..
اذا فما بين التضخيم والعاطفة وملائمة النص دخلت امور كثيرة منها بدون قصد وباجتهاد شخصي ومنها بقصد الدس والتحريف لنيل من الشعيرة والمراسيم لذلك لابد من الفرز بين التضخيم للتفاصيل بقصد ابراز الحدث واثارة العاطفة عند المتلقي ومابين ضرورة الحفاظ على النص الذي يتلائم مع قدسية الشعيرة والمراسيم.
من وجهة نظري ان توجية الخطباء والشعراء والمخرجين ( تمثيل الواقعة) بضروة مراعات النصوص الواردة عن اهل البيت والمعتبرة التي تروي بعض تفاصيل الحادثة خصوصا مع خروج المراسيم واحداث الواقعة من دائرة المحيط المغلق الى الفضاء الخارجي الذي يراه ويسمعة الكل. .
وهنا لابد من اشارة مهمة جدا وهي ضرورة الموازنة بين اهمية ابراز تفاصيل الواقعةً بشكل الذي يمكن المتلقي من التفاعل معها وما بين ضرورة المحافظة على النص، ولابد ان نعلم ان اقامة المراسم والتوسع فيها هو الذي حفظ الواقعة وهو الذي جعلها تتفاعل مع نفوس الناس من خلال ابراز المظلومية ممزوجة بالعاطفة مع ربط عقائدي. .
وليس لدي ادنى شك ان مراسيم الامام الحسين تجري برعاية من الامام المعصوم الحاضر وتسديد رباني وصفاء نية من العلماء الر بانين
الذين يجودون بنفحات روحية على المراسيم ونفوس المحبين والمخلصين من اتباع اهل البيت ، لذلك حتى ترتيب المجلس الحسيني بطريقة لا تخلوا من تسديد رباني لتتم بهذه الطريقه ( ان يبدء الخطيب بالنعي بابيات مؤثرة بالنفس لترق القلوب وتصبح الاذهان مهيئة لما سوف يقولة الخطيب من نصح وتوجيه وبيان للواقعة ثم يختم بنعي موثر ليمهد النفوس وينقلها من التفكير الى التجسيد العملي من خلال ما يردده الرادود فتتحرك الايدي والاجسام من خلال اللطم لتجسيد فعل التضحية والعمل الذي ينقل المتلقي من التفكر والسكون الى الفعل والحركة متفاعلا مع صوره من الصور الذي ينقلها الشاعر من على لسان الرادود ، كل ذلك جعل من المراسم تاخذ صوره فريده من نوعها سواء كان ذلك بقصد او جرى بشكل عفوي تراكمي لا يخلوا من تسديد ..
وكل ماهو مطلوب هو الفصل مابين اسلوب التضخيم الذي اريد به ابراز احداث الواقعة وزيادة تاثير الاحداث على المتلقي وبين الدس
والتحريف لغرض النييل من المراسم وخصوصا وان التفاعل مع قضية الامام الحسين باعتبارها قضية وجدانية قد لا ينطبق على بعض الممارسات فيها من البعض حكم العقل والمنطق والتي تجري بدافع العشق والذوباناللذان يجعلنا المرء يصل الى درجة الجنون في التعبير وهذا عابس خير مثال ( يرمي الدرع ويخلع الملابس عن صدره ليواجه السيوف والسهام بلحم جسمة ) معلل ذلك ان حب الحسين اجنني فهنا تعطل المنطق والعقل .
وبرز العشق سيدا للموقف فلا يجب ان نحاكم كل تصرف محاكمه عقلية منطقية مجردينها من جانبها الوجداني العاطفي ولكن بشرط ان لاتخرج المراسيم عن اطار قدسيتها وان يعي الخطيب والرادود ان خطابه اصبح عالميا متجاوزا دائرة الخطاب الضيق المحصور بالنوع والعدد وان يعي القائم على الشعيرة مبد ء كونوا لنا زيننا ولا تكونوا علينا شيننا ، ولا يطاع الله من حيث يعصى.
https://telegram.me/buratha