المقالات

كيف تحول العراق الى بازار للعمالة والخيانة؟!


طيب العراقي

 

قالوا لجمال الدين الأفغاني إن المستعمرين ذئاب، فرد عليهم لو لم يجدوكم نعاجا لما أستعمروكم!

في السابق اذا أرادت الدول ان تجند عميلا، تحتاج إلى سنين طوال؛ من البحث في نفايات البلد المقصود؛ حتى تجد الشخص المطلوب، ثم تدربه على العمالة والخيانة، ليصبح جاهزا لخدمة أهدافها، منفذا لأجنداتها..

أما اليوم وبفضل ديمقراطيتنا المسخ المشوهة، اصبحنا نرى العملاء أفواجا أفواجا، فكثير من الذين دخلوا الحقل السياسي، إفتتح "دكانا" يعمل من خلاله في سوق العمالة والخيانة، ليسلخ من جلد هذا البلاد الجريح، مرة بعنوان وسيلة إعلامية، وأخرى بعنوان حزب أو تيار سياسي، وثالثة بعنوان منظمة مجتمع مدني، ومرات بعناوين أخرى؛ ما أنزل الله بها من سلطان.

إنه بازار العمالة والخيانة؛ مفتوحة أبوابه على مصاريعها وبإجازات رسمية مختومة بماء الذهب، تسجل في نقابة الصحفيين العراقيين، بالنسبة للصحافة المقروءة، وفي شبكة الإعلام والإتصالات بالنسبة للإعلام المسموع والمرئي، وفي مفوضية الإنتخابات ـ دائرة الأحزاب، بالنسبة للأحزاب والكيانات االسياسية، وفي دائرة المنظمات غير الحكومية في مجلس الوزراء، بالنسبة لـ"مصيبة" ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني.

مع ذلك؛ فإن كثير من الأصناف الثلاثة التي أشرنا اليها، لا يعمل بإجازة رسمية من جهات حكومية، لأنها بالحقيقة لا تجد نفسها بحاجة الى تجويز رسمي، مرة لأن العمالة لا تحتاج الى بطاقة تعريف هوية، ومرة لأن الحكومة لا تسأل عن ما يفعله الجماعات والأفراد، لأننا بلد ديمقراطية الإنفلات بلا قيود، ولأن أجهزة الدولة المعنية بالأمن، بدت وكأنها بلا وظيفة، أو أنها ليست معنية بوظيفتها أصلا، ولذلك نراها تغط بنوم عميق، ما دام المركز الوظيفي ومنافعه؛ حق إلهي مضمون!

لا أحد يسأل أصحاب الفضائيات التي تناسلت كما تتناسل الكلاب، عن مصادر تمويل هذا النشاط؛ الذي يحتاج الى ملايين الدولارات، لا أحد أبدا يسأل؛ فالمطلوب فقط إجازة البث من هيئة الإعلام والإتصالات، ولا شيء غير ذلك! أما المال فلا يُسألُ عنه، لأنه كفيل بسد الأفواه التي يمكنها أن تسأل!

فائدة؛ إحدى الفضائيات إستلمت من السعودي 21 مليون دولار دفعة واحدة، إحتفظ مدير الفضائية بمليون دولار منها لنفسه، وعندما سأله زعيم حزبه عنها، قال له وبكل صلف أنها حق العمالة!

لا أحد يسأل "منظمات المجتمع المدني"، وجلها مشبوهة الأغراض والأهداف والتمويل، عن مصدر النفقات التي تغطي بها نشاطاتها، لا أحد فكر لماذا هبط علينا فجأة؛ وحي ما يسمى بـ"العمل المدني" وكأنه دين جديد، لا أحد يمكنه أن يسأل، لأن كثيرين من أصحاب القرار، ومن المنخرطين في اللعبة السياسية، وجدوا فيه ميدانا رحبا للتغطية على إرتباطاتهم المشبوهة، من خلال هذا العنوان البراق!

فائدة؛ إحدى منظمات المجتمع المدني أفتتحت مجمعا لنشاطاتها، بلغت كلفته 25 مليون دولار، بنته على أحدث الطرز المعمارية، على أرض مملوكة للدولة، خُصِصًت لها كمستشفى إبتداءا، ثم ما لبثت أن تغير الغرض من الإستعمال.

لا أحد سأل الـ (250) حزبا وكيانا سياسيا، عن برامجها المتشابهة، وعن أنظمتها الداخلية المستنسخة عن بضها طبق الأصل، وعن أفرادها الذين يتنقلون بينها تنقل البدو الرحل، وقبل هذا وذاك، عن من أين لكم تكاليف النشاطات الباذخة، والمقرات الفخمة، والأثاث الفاخرة، وعن من يغطي نفقات تشغيلها، وعن رواتب وأجور جيوش الموظفين العاملين فيها، لا أحد يسأل فخُرج العمالة عبارة عن كيس مثقوب!

فائدة؛ أحد رؤساء الأحزاب؛ سجل عقارا قيمته 35 مليون دولار بأسم زوجته وأبنته، دائرة تسجيل العقار خمنتها بمليار دينار (اقل من 800 الف دولار)، والباقي مراعاة لخاطر رئيس الحزب ، العزيز جدا على جيب موظفي دائرة ضريبة العقار.. لكن لا أحد سأل زوجة رئيس الحزب وأبنته، عن مصدر الأموال التي أشترت بها الععقار، مع أنهما صرحتا لدائرة الضريبة. بأن مهنتهما ربات بيوت ليس إلا..! 

 أن تكون جماعة على حق، وأن يكون أعداؤها من أهل الباطل، لا يستلزم بالضرورة انتصار جماعة الحق! فللانتصار شروط أخرى، وجلها يرتبط بالأوضاع التي ستظهر بعد الانتصار.

الانتصار الاجتماعي الواقعي الكاسح، يعني قبل أي شيء تحقق الاستقلال السياسي، حيث يحكم الناس أنفسهم، من دون إملاءات أعدائهم، ومن بعده ينبغي تحقق الاستقلال الاقتصادي والثقافي،

وما دام عدوك يتحكم باقتصادك ومعيشتك وثقافتك، أو يكون له اليد العليا فيهم، فهذا يعني أنك لم تنتصر، وإن كنت بحسب الجغرافيا والعسكر قد حققت انتصارات بارزة ...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك