المقالات

عن دولة قدر لها أن تموت لكن مثلثا أحياها..!


طيب العراقي

 

بتأمل طبيعة النشاط السياسي في العراق، منذ زوال نظام صدام الى الآن؛ يلاحظ هيمنة منطق التشرذم؛ والنزوع إلى التفكك والانشقاق، بدل الاتجاه نحو الانصهار أو التكتل، وهكذا يظل التساؤل عن العمل السياسي في العراق؛ بالأساس تساؤلا عن طبيعة النظام السياسي القائم، إذ لا يمكن منهجيا تحليل مواطن الخلل في العمل السياسي، أو مظاهر التعثر في الممارسة داخل البناء السياسي، دون استقراء الأساس الإستراتيجي المهيكل لهذا السلوك؛ متمثلا في جوهر السلطة السياسية.

الحقيقة أن التباين حول الاختيارات الإستراتيجية في عراق ما بعد صدام،  ظلت عقبات متواترة؛ في تحقيق التوافق السياسي بشأن المنطلقات والأهداف، والوسائل والآليات، مما تولد عنه توتر مستمر، بين مكونات الطبقة السياسية، تبعا لمراحل تطورها؛ وترتيبا على طبيعة تفاعلاتها.

تنطلق "السلطة" وليس "الدولة" في تصورها لمكانتها الدستورية، من اعتبارات تتجاوز المنطوق الدستوري، لتستحضر جوانب مستمدة من الثقافة السياسية السائدة، اعتمادا على شرعية الأمر الواقع.

في هذا الخضم؛ شكلت طبيعة السلطة السياسية وتصميمها الدستوري؛ محددا محوريا في تطور الحياة السياسية في عراقنا الجديد؛ فما تزال عقلية "السلطة" وليس "الدولة"، هي اللاعب المركزي في تحديد قواعد اللعبة السياسية، وضبط المجال السياسي، بشكل يجعل السلطة السياسية مغلقة في حقيقتها، لاتصالها بآليات لإضفاء شرعية ؛ترتكز على البنيات التقليدية للحكم في محدداتها التاريخية - التراثية والسياسية والدينية، التي ترتهن بها أشكال "التحديث السياسي".

تعتبر الثقافة الرعوية؛ مناط تمثل النظام التقليدي لعلاقة لسلطة بالمجتمع، وأيضا بالطبقة السياسية التي تتحول إلى ذئاب نهاشة؛ بدل أن تكون طرفا وازنا في القرار السياسي، الذي يستحيل بذلك إلى قرار شبه مغلق، كما تتحول العلاقة بين "السلطة" والشعب، إلى علاقة الشيخ والمريد، الأب والأبن، السيد والعبد، الدولة الى أمام والشعب في الخلف!

قدمت معركة تحرير العراق من الدواعش الأشرار، فرصة مثالية لتصحيح هذه العلاقة المخطوءة، ففي هذه المعركة التي قادتها المرجعية الدينية بكفاءة وإقتدار، تراجع دور الدولة السلطوية، وتعرت بشكل فاضح من ثيابها، بعد أن عجزت عن تأدية واجبها بحماية التراب الوطني، وقبلها عن خدمة الشعب وتطلعاته، ليتقدم الشعب بقيادة المرجعية الدينية، للنهوض بمهمة التحرير، منظما نفسه في إطار تنظيمي مؤسسي هو الحشد الشعبي، فكان مثلث (المرجعية ـ الشعب ـ الحشد) هو الذي غير موازين القوة، وحفظ البلاد والعباد.

على الرغم من  إنحسار دور (الدولة ـ السلطة) في العراق، وتقاعسها عن أداء واجبها الدستوري، بالمحافظة على وحدة وسيادة الوطن، إلا أن المرجعية الدينية كانت حريصة كل الحرص على إبقائها حية؛ لأننا نعيش في عالم تشكل (الدول)، الوسيلة السائدة لإدارة شؤون الشعوب، ولقد كان هذا الموقف هو وحده فقط، الذي ضمن للدولة السلطوية البقاء، وإلا لأصبحت نسيا منسيا وأثرا بعد عين.

بيد أنه وما إن تنفست دولة رجال الصدفة؛ ومعها الطبقة السياسية المشكلة لها الصعداء، وإستعادت بعضا من زمام الأمور بيدها، عادت الى وضع السلطة الفوقي، مدفوعة بطبقة سياسية مشبعة بالإرتباطات الخارجية، التي تريد تفكيك مثلث القوة والنهوض والمستقبل، لمصلحة أجندات تلك الأطراف؛ فشنت هجمات سياسية وإعلامية، ضد المرجعية الدينية والقوى الشعبية الموالية لها، من خلال السعي لهدم القيم الفاضلة وتفكيك بنية الولاءفضلا عن الهجمات الحربية المنظمة، ضد الحشد الشعبي، ضلع الشعب وذراع المرجعية والوليد العظيم.

أنثى الفيل وأنثى الكلب كانتا تحملان مولودا في نفس الوقت.

بعد ثلاثة أشهر ولدت انثى الكلب ستة جراء؛ وبعد ستة أشهر كانت الكلبة حاملا مرة أخرى، وبعد تسعة أشهر أنجبت مرة اخرى ستة جراء، فاصبح لديها اثني عشر من الجراء، واستمر الامر هكذا!

في الشهر الثامن عشر سألت الكلبة الفيلة، "هل أنت متأكدة من أنك حامل؟ لقد أصبحنا حاملين في نفس التاريخ، وأنا أنجبت ثلاث مرات وقد نمَت جرائي الآن لتصبح كلابا كبيرة، ومع ذلك لا تزالين انت  حاملا؛ ماذا يحدث؟ ".

أجابت الفيلة، وقالت "هناك شيء أريدك أن تفهميه، ما أحمله ليس جرواً لكنه فيلٌ؛ أنا ألد فيلا واحدا بعد فترة حمل تبلغ عامين، عندما يضرب طفلي بقدمه على الأرض تشعرين به.، عندما يعبر طفلي الطريق، يتوقف البشر عن السير ويتطلعون اليه بإعجاب، ما احمله كائنٌ يلفت الانتباه، ما احمله كائن كبير وعظيم.

الحشد كائن عظيم..!

ـــــــــــــــــــــ

شكرا 12/9/2019

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك