المقالات

حديث عن الرياضيات في تاسوعاء الحسين عليه السلام..!


طيب العراقي

 

لا يجب أن تمر مناسبة جليلة كمناسبة واقعة الطف، دون أن نتحدث عن حالنا وواقعنا وما جرى وما سيجري علينا، فالزمن هو الزمن ذاته، وإن تغيرت المواقيت والشخوص، والمكان هو المكان، حيث الصراع التأريخي بين الباطل والحق..

كربلاء تفتح أبواب التفكير العلمي على مصاريعها..!

يقدم علم الرياضية نماذج حلول لكثير من المشكلات، بقدر ما يقدم تفسيرا لجميع العلاقات في الكون، وفي كوكبنا تخضع جميع تصرفاتنا وتوجهاتنا، الى تفسيرات رياضية، بضمنها القضايا الوجدانية والمجتمعية والاقتصادية والسياسية.

في علم الرياضيات، تشكل النقطة بداية كل حركة، وتعد منشأ كل العلاقات الرياضية..النقطة ستبقى نقطة معلقة في الفراغ، وهي وجود وهمي لا يعني شيئا على الإطلاق، لكنها بمجرد حركتها نحو نقطة أخرى، ولو كانت الى جانبها تماما، تتحول الى خط مستقيم، وهو أول العلاقات الرياضية البدائية وأقصرها.

نقطة البداية في ما سنتناوله في هذه المقاربة، هي لحظة دخول داعش الى الأراضي العراقية، وإنهيار منظومتنا الدفاعية وإنهزامها، وإحتلال الدواعش لمدينة الموصل، ثم وبسرعة فائقة أسرع من أي من وسائط النقل المعروفة، أحتل الأشرار ثلث مساحة العراق، وطرقوا وبقوة أبواب بغداد، بعد أن حطموا الأسوار الدفاعية التي تحيطها.

كانت الصورة وكأن كل شيء قد إنهار تقريبا، فبغداد بلا حول أو قوة، والسكان المدنيين فيها يرتجفون هلعا منظرين الجزارين، وفيما يلي بغداد من مدن في الوسط والجنوب، كان البعثيون وعصابات الجريمة المنظمة، قد أعدوا عدتهم للإستيلاء على كل شي، في مشهد تكرر عدة مرات في العراق، "فرهود" ونهب الدولة و"حوسمتها"، ومن ثم ينتهي شيء اسمه عراق من عالم الوجود، وبذلك ينتهي أيضا؛ مارد إستيقظ بعد 2003؛ أسمه المارد الإسلامي الشيعي ببعده الحسيني الثوري.

على طريق الحسين عليه السلام ومنهجه، وفي نقطة البداية التي كانت كما يبدو ساكنة، حيث كانت توصف دوما وبخبث بإنها ساكتة، تحركت النقطة الحسينية نحو الشعب، فصدرت فتوى الجهاد من المرجعية الدينية العليا، ليتشكل الخط الحسيني المستقيم، ولم تصدر تلك الفتوى، وتلجأ المرجعية الى الشعب ليدافع عن وجوده، إلا بعدما وجدت أن ما تبقى من الدولة وقواتها المسلحة، لا يستطيع وحده أن ينهض بمسؤولية الدفاع عن الوجود.

في تلك اللحظة الحسينية البارقة؛ التي تحركت فيها النقطة الساكنة نحو الشعب، أيقنا أن النصر آت، وفي أمد منظور لأننا مستندين الى أرث من الجهاد أستمر منذ عام 61 للهجرة الى يومنا هذا، وسيستمر الى ماشاء الله من الزمان، الى أن نبني دولة العدل الإلهية.

نعود الى علم الرياضيات، إذ ثمة علم متفرع عنه، هو علم التكامل والتفاضل، المرتبط هو الآخر بعلم المثلثات.

تفاضليا وكي نضمن تحقيق نتيجة مؤكدة، تشكل الخط المستقيم على "دالة" بين نقطتي المرجعية والشعب، تلك الـ"دالة" التي يمتد "مدها" بين الصفر الى الـ"ما لا نهاية"..لكن هذه الـ"دالة" كانت لا تستطيع أن تعطي نتيجة، ما لم "تنظم" نفسها في إطار تعبوي قادر على النهوض بمسؤولية الجهاد؛ الذي افتت به المرجعية الدينية العليا، بعد أن أيقنت أن لا طريق غيره لأن يستعيد العراق وجوده، ولتتشكل علاقة رياضية "تكاملية".

"تكامليا" علينا العودة الى علم الرياضيات، لنفهم ما حدث وما سيحدث، إذ يشكل المثلث واحدا من أقوى أشكال العلاقات التكاملية، إن لم يكن أقواها على الإطلاق، "الدالة" كانت أن نظم الشعب نفسه بالحشد الشعبي، لتتشكل علاقة جديدة، وليكتمل مثلث الصمود والصبر والقوة والفداء الذي حفظ العراق.

مثلث المرجعية ـ الشعب ـ الحشد، هو العلاقة التي أختيرت تفاضليا عمن سواها من علاقات، لأنها أقوى العلاقات، بل بالحقيقة لا بديل فاعل حي عن هذه العلاقة الأصيلة، فالمرجعية ومن منطلق تكليفها الشرعي، ومسؤوليتها الفقهية والتأريخية، لم تستشر الدولة عندما أصدرت فتوى الجهاد،فالدولة كانت على وشك الفناء، لكن المرجعية في فتواها حافظت وحفظت الدولة، وجعلتها الإطار الذي ينظم الشعب فيه نفسه للدفاع عن وجوده، وهكذا تشكل الحشد الشعبي في إطار الدولة وليس خارجها أو فوقها أو مواز لها، لقد كان هذا هو ما يمكن أن نسميه "تكامل" الأدوار.

الفتوى عبأت الشعب بالحشد الشعبي، والدولة كانت الإطار التكاملي المُنَظِم.

أعداء العراق يدركون أن مثلث (المرجعية ـ الشعب ـ الحشد) ببعده الحسيني، هو سر الإنتصار العاشورائي المتكرر على مر الأزمان، وهو سر بقاء العراق وديمومته، بل وسيكون سر فناء الأعداء، ولذلك هم يعملون بلا هوادة، لتكسير أضلاع هذا المثلث.

مادام الشعب متمسك بمرجعيته الدينية، وما دام الحشد عنوان هذا التمسك، وما دامت الدولة تعمل في هذا الإطار، فإن العراق باق قوي معافى، وأي تهاون في حماية مثلث المقاومة وروحه ، ستكون نتيجته إعادة مشهد 10/حزيران/ 2014، الذي نعمل ونأمل أن لا يتكرر ابدا.

في المقاربة القادمة، سنتحدث عن كيف نحمي المثلث؟

ـــــــــــــــــــــ

شكرا،  تاسوعاء/1441 هـ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك