🖋ميثم العطواني
مازال ملف الفساد يتصدر جميع قضايا العراق، وهو أعقد الملفات الشائكة طيلة مدة أربعة حكومات متعاقبة، حيث يعد هذا الملف أخطر من ملف الإرهاب، وذلك لتورط شخصيات سياسية وحكومية كبيرة فيه، مما جعل الأمر شائكا وملتبسا على السلطة التنفيذية التي هي الأخرى تطالها عدة اتهامات، وما يؤكد ذلك إعلان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن وجود أوامر قبض صادرة بحق (١١) وزيراً ومن هم بدرجتهم، مما دعا سياسي عراقي بارز شَغل منصب وزيرا سابقا ان يصرح قائلاً: "أرجح انهيار العملية السياسية في حال فتح ملفات الفساد على مصراعيها داخل العراق، وما زالت بعض الكتل السياسية تفاوض على الوزارات والدرجات الخاصة بغية الظفر بالعقود الاقتصادية لتلك المؤسسات، لذا الفساد في العراق هو ممارسة وليس كلاماً فقط"، حيث ان معظم القوى السياسية تخشى فتح ملفات الفساد كي لا تنهار العملية السياسية التي مع انهيارها ربما تنهار الحكومة لأن لها حصة كبيرة من الوزارات والدرجات الخاصة، لذا ان ما يصوره السياسيين والمعنيين بالأمر نهاية العملية السياسية برمتها والتي تعد الحكومة جزءاً منها هو الفساد بذاته، لأن هذه التصريحات تصنع هالة مرعبة كإنها تحمل رسالة تحذير شديدة اللهجة لمن يريد فتح تلك الملفات.
الشعب العراقي بات على يقين بعدم جدية إعلان الحرب على الفساد والفاسدين، وأعتبر تغريدة الزعيم العراقي مقتدى الصدر التي حملت يوم أمس لغة التهديد الواضح والصريح للحكومة العراقية بإنها الورقة الأخيرة لجدية محاربة الفساد في كافة مفاصل الدولة، والتي جاء فيها: "يعد ذلك إعلانا لنهاية الحكومة العراقية، ويعد ذلك تحولا من دولة يتحكم بها القانون الى دولة الشعب. وإذا لم تتخذ الحكومة اجراءاتها الصارمة، فأني أعلن برائتي منها"، هذا التحذير الشديد اللهجة الذي جاء بعد يأس من جدية الكشف عن ملفات الفساد واتخاذ إجراءات قانونية بحق أصحابها اللذين صاروا يملكون أمولاً تعادل أموال موازنة دول مجاورة للعراق مما جعلهم ان يعتقدوا بإنهم فوق القانون بكل افعالهم وتصرفاتهم.
المرجعية الدينية العليا من خلال ممثلها الصافي، وجه انتقادا شديد اللهجة لساسة العراق والمسؤولين الحكوميين، متسائلا بالقول: "أين ذهبت أموال البلد بأرقامها المرعبة، ولماذا تستمر معاناة الشعب العراقي؟!، لدينا تساؤلات سياسية واقتصادية واجتماعية وهي تساؤلات مشروعة وقد لا تصل الى آذان يمكن أن ترتب الأثر على ذلك، وهي تحمل في طياتها معاناة وهي قطعا ليس من الصحيح أن تبقى وتحتاج الى من يرفعها، ووجدنا من المناسب أن تظهر من الأوراق والاتصالات أمام الملأ"، وأضاف "أن المرجعية الدينية العليا قبل خمسة عشر عاما ولا زالت تركز على قضية الفساد المستشري في مؤسسات الدولة من خلال الخطب والبيانات، إلا انها لم تلمس أي جدية لمعالجة ذلك"، خطاب المرجعية الدينية هو الآخر يدل على ان الكيل قد طفح، وان الأمور وصلت الى حدا لا يحمد عقباه، استياء شعبي واسع النطاق تمثل في مظاهرات شهدتها جميع محافظات العراق تطالب بالقضاء على الفساد الذي تسبب بهدر مئات مليارات الدولارات التي كان من شأنها ان تسهم في تعيين آلاف العاطلين عن العمل وتوفير الخدمات لأبناء الشعب المظلوم.
ّان الفساد في العراق لا يمكن أن ينتهي دون حرب على الفاسدين، لأن المشكلة وببساطة في محاربة الفساد هي مشكلة سياسية يكون فيها الدور الرئيس لمن يفترض هو من يعالج الفساد.
ويبقى المواطن يتساءل، هل هناك أفق لحل مشاكلنا وسقف زمني لذلك؟!، أما آن لليل أن ينجلي بعد أن استجاب الشعب للقدر ؟!، القدر الذي جعل المحاصصة ان تأتي بشخصيات غير كفوءة تتحكم بمصير البلد طيلة خمسة عشر عام.
https://telegram.me/buratha