عبد الحسين الظالمي
منذ العصور الاولى وفي اوج تخلف الانسان ووحشيته وقسوة الحياة وجلادتها ورغم ذلك كله فقد وضع الانسان حدود معينة للحروب وقوانين تطورت مع مرور الزمن وارتفاع وعي الانسان و اختلاف الثقافات والمجتمعات . بقت النساء والأطفال في الحروب لهم ما يحميهم قدر الامكان وابلغ ما كان يقع على النساء هو السبي ، اما الاطفال فكانوا لهم شان خاص لا النوادر التي يحدثنا عنها التاريخ
والتي قصد منها المحاربون اجتثاث للطرف الاخر وهي قليلة قياسا لعدد الحروب في التاريخ وحتى لو قتلت النساء والأطفال فذلك يجري عرضا وبدون توجيه او تخطيط ، وغالبا ما يجري نتيجة نشوة او غيظ او طمع وبحالات فردية ومع تطور العالم وزيادة الوعي لدى المجتمعات ، فقد وضع الانسان حدود وقيود مشددة على الابادة واعتبارها جريمة حرب وهذا ما نصت عليه قوانين حقوق الانسان ومؤتمرات الامم المتحدة منذ العام ١٩٤٩
وما تلى ذلك من قرارات حرمة قتل النساء والأطفال والعجزة ومنعت السبي والانتهاك وحرمة قتل وامتهان الاسير حتى لو كان مشاركا في الحرب ومقاتلا . ولازلت تجرم بعض الممارسات في الحروب السابقة تجريم اعتباري سوى قضية كربلاء .
الطفل عبد الله الرضيع ابن الامام الحسين سلام الله عليه ذلك الطفل الذي لازال في القماط ولم يتجاوز عمره السنة تقريبا ، ذلك الطفل الوحيد في التاريخ الذي يشارك في الحرب ليكون دعوة سلام انسانية للطرف المقابل ليرق قلبة بعد ان تحجر عقلة ويتجاوز قساوته ويعود الى فطرته الانسانية امام مشهد قل نظيرة بالتاريخ قائد في ساحة المعركة يطلب من خصومة ان يراجعوا انفسهم وضمائرهم ويعودوا لفطرتهم
وكأنه يقول لهم ( اذا كان للكبار ذنب يقتلون عليه فما ذنب الصغير ان يقتل ) بعد ان بالغ في نصحهم .
الغريب في الموضوع والذي يجعل قضية الشهيد عبد الله الرضيع او ل طفل يقتل بتخطيط ومع قصد القتل ومع سبق وإصرار وبأمر من اعلى القيادة العسكرية الميدانية والتي تتنافى مع ابسط ضوابط الفروسية في القتال التي يتشيم بها الفارس انذاك
ناهيك عن القائد للجيش ، والأغرب من ذلك ان يقتل عطشان وهو يطلب الماء وبصوت ابية والكل علم بذلك فلا عذر لأحد ، تصور طفل رضيع عطشان يصدر بحقة قرار اعدام من اعلى قيادة في الجيش فهل توجد في ذلك الجيش قيمة يمكن ان يقال عنهم انهم بشر ناهيك عن كونهم مسلمين ؟. ولكن الاسوأ منهم هو من يبرر لهم او يتجاهل جريمتهم ، ويعتبر من يلطم وينوح من هول الجريمة متخلف! .
لست مستغربا اولئك الوحوش الذي تجاوزوا حتى الوحش والذي يعرض عن الفريسة عندما تكون صغيرة بل استغرب الاتباع الذين يقرون التاريخ
وتفاصيل الفاجعة ويدعون انهم بشر ويدعون التطور ولازال البعض منهم يغض الطرف عن تلك الجريمة . والبعض يتحدث عنها وكانها حق للخليفة
ولايدرون ان مجرد اثبات وقوعها يزلزل ادعاء الخلافة برمتها لانها جريمة ابادة تتنافى مع القيم الانسانية والاسلامية .
امم مشغولة بابادة اليهود في محرقة والكل يقف الى جانبهم معتبرين ذلك اجتثاث نسل فما بالكم باجتثاث نسل ابن بنت نبيكم ورسول البشرية جمعاء!!!.
امم تناصر طفل قتل برصاصة طائشة او هراوة شرطي او ضربة اب قاس وتهمل امر قائد جيش ينص صراحة على قتل طفل رضيع وبحالة جوع وعطش وبحضن والده وأمام الكل وفي لحظة هدوء ومشاهدة .
اين المطالبين بحق الطفولة اين اليونسكو ؟ اما تعتبر تلك الواقعة جريمة ضد الطفولة وتمهيد لما بعدها ؟ .
لم اناقش لماذا خرج الحسين وما هو السبب وهو يعلم كل شىء. رغم اني ادرك بقلبي ان الحسين علية السلام بخروجه هذا جنب المدينة ونسل بني هاشم ابادة جماعية كان يمكن ان يقدم عليها من اقدم على قتل طفل رضيع ، وبحكمة امام وقائد يدعوه دينه ونهج جده ان لا يهادن في الحق فاختار اهون الضررين .
المعركة التي اراد الله لها ان تكون درسا للإنسانية في كل تفاصيلها لذلك شاء ان يشارك فيها كل الفئات العمرية والجنسية والقومية والعرقية
من طفل رضيع الى فتى وشاب ورجل وكهل وعجوز
امرأة وبنت ، مسيحي وعربي وأعجمي اسود وابيض قائد ومولى مالك ومملوك اخا واب وابن وابن عم وابن خال وخالة غريب وابن وطن مريض ومعافى لتكون تلك النماذج شاهدة على تفاصيل المعركة والدور المطلوب تحقيقه منها بعد الالف من السنين بعد وقوعها ويساهم كل واحد من هذه النماذج بدور يرسم به خارطة طريق لمن بعده من الاجيال التي تلية . لكل واحد منهم درس عبر التاريخ .
ومن وجهة نضري القاصرة وبعيدا عن البعد العقائدي للقضية فاني ارى ان على كل انسان يريد ان يعرف مدى انسانيته ورقته عليه ان يعرض نفسه على قضية الامام الحسين ع ليعرف حقا كم هو بعيد او قريب عن مسمى الانسان .
ان بلاء الائمة بالأمة هو ان جعل الله دمائهم الطاهرة وأنفاسهم ونفحات ارواحهم تطهير للأمة
ولذلك اشار الشهيد الصدر الاول ( ان الامة تحتاج الى دماء كدماء الامام الحسين ع) .
ولا وجود لدم كدم الحسين ع لذلك احتجنا الى قوافل من الشهداء من العلماء والبسطاء.
قضية الرضيع ليس قضية عاطفية تتمحور حول مقتل طفل عطشان بين يدي ابيه بل هي محكمة
عرض فيها ابناء البشر حقيقة مكنونات نفوسهم
لتكون درسا للإنسانية في الماضي والحاضر والمستقبل ينجح فيه من ينجح ويفشل من يفشل وتلك هي ارادة الله سبحانه وتعالى .
https://telegram.me/buratha