قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
في الحقبة الصدامية المظلمة، والى حد ما في الحقب التي سبقتها، منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في أوائل القن العشرين، وربما الى زمن قبل هذا، كان المنتج الأدبي مفصل على مقاسات العصر وحكامه، وكنا ننتج النموذج الأدبي، لعصر يقوده ضالعون بخنق الكلمات..
شعراء وأدباء وكتاب وإعلاميون ، كان نتاجهم مطابق لما يريده الطغاة، كانوا صوتهم بالحقيقة، والذين كتبوا خلاف ذلك، كتبوا ما كتبوه، بعيدا عن يد الحكام وأعينهم الحمراء التي تقدح شررا، فالجواهري مات ودفن خارج العراق، وسحبت منه الجنسية العراقية، مع أنه شاعر العرب الأكبر!
كانت محاور النشاط الإبداعي، أدب وفن وثقافة ومسرح وكتابة، معدة سلفا، وقبل معظم المشتغلين بالحقل الثقافي، بالعمل على هذه المحاور، بل أن أغلبهم قام بتنميتها، حتى تولدت عندنا فنون أدبية، ليس عند غيرنا مثلها، وتفرد في هذا المجال، عدد مهم من هؤلاء، ليتبوأ مقاعد المقدمة في صالة العرض، وبينهم من كان يمتلك أفضل أدوات الإبداع، لكنه وضعها في خدمة الطاغية!
من وجهة النظر الإبداعية، والمهارات الفنية، فإنه سيمضي مثلا وقت طويل، حتى يكون بيننا شاعر بموهبة رعد بندر، وكان يمكن أن يستنسخ المتنبي من جديد، بموهبة عبد الرزاق عبد الواحد النادرة، تلك المواهب التي وضعت مع الأسف، في خدمة عملية إزاحة الحق.
آخرون قبلوا أن يعملوا ككوادر متقدمة، في مراكز التلقين الفكري، وكان واجبهم الأساس، الوقوف ضد كل من لا ينتمي إلى الفكر" البعثي، إن صح أن يطلق عليه تسمية "فكر".
يحفظ لنا التاريخ؛ أمثلة مازالت مدار حلم كثير من المثقفين، أمثلة لشعراء هجوا حكاما ظالمين، فخروا صرعى هجائهم العنيد، غير أن هذه الأمثلة غابت تماما في عصر صدام، وحل محلها من قرأ شعرا مقبوض الثمن في (حضرة ) القائد، وبعضهم كان يرفع كفيه بالدعاء، لا لينجي العلي القدير، هذا الشعب من غمة صدام، ولكن كان يدعوا لبقاء ولي النعمة، ولم يكن هؤلاء قلة!
لقد صمموا شعرهم وكتاباتهم، وفقا لمنظومة الأدب المرفوعة:"إذا قال صدام قال العراق" شعاراً نافراً يرى على كل جدران الوطن، علِّقت إلى جواره، وفي كل منعطف رسوم القائد، وفي كل مئة خطوة من الشوارع، كان ذلك نتاج التشكيليين العراقيين، سفيها في حقبة الألم.
نستذكر ايضا معرض الحزب، في السابع من نيسان من كل عام ولم يخجلوا! بل شاركهم من كانوا يوصفون بأمهر النحاتين، الذين وظفوا مهاراتهم لإقتناص المال، وكان خيالهم يفوق خيال صدام نفسه، فاستخدم أحدهم قبضة صدام تحمل سيفا، ليمر من تحته الجنود المساقين، الى جبهات القتال في الكويت! حيث قاتلوا ببنادق صدئة، كانت هي البقية الباقية من حرب صدام مع إيران! هذا النصب ما يزال يشوه وجه بغداد، لأن حكامنا لا يجرأون على إزالته، حتى لا يزعل بعض شركائنا السياسيين!
في أم المعارك جال خيال الشعراء، كما صال في قادسية صدام المجيدة، ولم يكن صدام من إبتكر الأسمين لمعركتيه الخاسرتين، بل كانا من إبتكار أدباء العراق..!
كلام قبل السلام: تلك ذكريات يكرهها، بعض من في صدارة المشهد الثقافي والإبداعي الآن!
سلام....
https://telegram.me/buratha