جاسم الصافي
فتاة استرالية تدعى " دنيكا " تعرضت للدغة من حشرة " القراد " فقدت على اثرها ثلاثة اعوام من ذاكرتها , هذا الخبر ليس بالغريب لان حوادث كثيرة يمر بها البشر يفقدون على اثرها ذاكرتهم , ابسطها فايروس ينتقل عبر الدم ليتلف الدماغ يأتي من عملية جراحية اجريت في صالة ملوثة مثلا , او التهاب في الغدة الدرقية او الغدد النخامية والكظرية او مرض السكري , وربما من صدمة نفسية !
كل هذه عوامل موجودتنا عندنا بحمد الله , تعمل وبكفاءة على وقف ذاكرتنا , فمن منا لم تلدغه حشر او يتعرض لصدمة نفسية , ومن منا ينكر تلوث الاماكن الصحية قبل البيئية التي نعيش فيها , وعليه يجب ان نجد العذر لمرض النسيان الذي اصابة الجميع بخرف مبكر , وفقدان لصور البطولة البعيدة والمتوسطة والقريبة .
بل حتى هذه الكلمات ربما صلاحيتها تنتهي بعد نهاية هذا المقال , ونسينا أمهاتنا وهي تعصب الراس وابائنا وهم يرتدون العقال او العمة , ليعقلوها ويعصبوها بها الراس من النسيان .
الذي يصيب هذا اليوم هويتنا وانتمائنا , وحتى شعر رؤوسنا وهو حامي ناصية عقولنا اصب بالسقوط المبكر واصبحنا نبحث عن طرق لزراعته ونتجاهل ما اقتلع معه من ذاكرتنا , عن امس هو امتداد يومنا .
لهذا نستخف بشجاعتنا كونها وليدة النسيان وتعلمون ان النسيان بلا بطولة , ونقلل من تاريخنا فهو بلا حافظة تحميه من ذهابه مع الريح , بما نفاخر ونحن نجعل مفاخرنا رمال تتسرب من بين اصابعنا , ونترك التاريخ تكتبه رجال الصدفة في زمن العهر , وتصبح المحرمات مسلمات لأنها كل ما نراه في زمن الخلط والتعليب .
حتى مثقفينا ومفكرين يتعجلون الامر وتستهويهم الطبخات الجاهزة دون ان يستعيروا من التجربة ولو حرفا واحدا , فقط اقول لولا من كتب بدمة طريق نجاتنا لما كنا , ولولا ان هانت ارواحهم في وقت المحن لما على ذكرنا في وقت الرخاء.
وكما قال ابا الطيب المتنبي لما عوتب عن عدم مدحه الامام علي بن ابي طالب عليه السلام : " تركت مدحي للوصي تعمدا اذ كان نورا مستطيلا شاملا واذا استقل الشيء قام بذاته وكذا ضياء الشمس يذهب باطلا " نعم صديقي.
لهذا لم اكتب عن شيء مستقل بذاته مهما على باطلا سيظهر ذات يوما صدقة فلا هو نور وينجلي يومه , ولا نجم ويهوى عمره , بل هو الشمس وهل في حقيقة الشمس شك ؟
https://telegram.me/buratha