المقالات

البعد السياسي في الشعائر الحسينية


طيب العراقي

 

 

   نقترب من عاشوراء الدم والتحشيد والشعائر، وهنا مساحة للتفكير بالعد السياسي للشعائر الحسينية، التي نجدها عنوانا واسعا، يحتوي آلاف العناوين الفرعية.

الشعائر الحسينية؛ إحدى أهم ركائز حفظ الإسلام, وتمدد رسالته, والرابطة بين النهضة الحسينية ونهضة الإمام المهدي, لإقامة دولة العدل الإلهي, وتعد عنوان لمنهج الإمام الحسين "عليه السلام" الذي ضحى من أجله بكربلاء, فحدد القران الكريم منزلتها, وجعلها معياراً لتقوى القلوب, فالحديث عن الشعائر يعني الحديث عن هوية عاشوراء, وأهدافها ومضامينها.

   يعد الشيخ نصار بن الشيخ حمد بن ازيرج العبسي، من كبار علماء النجف الاشرف, وأحد مراجع الدين فيها, أول رجل استطاع أن يقيم مجلس تعزية في العراق, والظاهر اغتنم فرصة الصلح الذي عقد في عام 1821 بين داود باشا وحكومة إيران آنذاك, والذي توسط فيه الشيخ موسى كاشف الغطاء, فأخذ يقيم مجلس التعزية في داره, واقتدت فيه اسر النجف تدريجياً.

   بعدها وسع المؤمنون اقامتها ببقية المدن, كونها ظاهرة إيمانية جماهيرية, يرتقي المنبر فيما خطباء مختصين بالنعي يسمون (روزخونية), فيما برزت ظاهرة اللطم بين الرجال في مواكب, يستخدم المعزون الضرب بالحديد (الزنجيل) بدل الأيادي, ويشاركون بأيام محددة كمجموعات (دستات) في مسيرة الأربعينية بكربلاء, وعلى أثرها بدأت الحكومات بالعراق تضيق الخناق على تلك الطقوس, لأنها تلهب الحالة الثورية, وترفض التسلط وتقييد الحريات.

   يذكر من الإحداث الدالة على روح التحدي والممانعة ورفض الظلم؛ أهزوجة المرحوم وحيد عباس, عندما كان مرجع الطائفة الإمام محسن الحكيم "رض" يستقبل المعزين في الحرم الحسيني عام 1967: ((احنه أهل السماوة بني حچيم أحرار, احنه أول ما بدينه بطرد الاستعمار, سبع أيام انه بهل گبر زوار.. أتخيلك يبن الزهرة أتخيلك.. هذه القاصة البيه كنوز الدين)), مشيراً بذلك على الإمام الحكيم.

   حيث تلمس البُعد السياسي في كل شعيرة, لما في رسالة الإمام الحسين من إبعاد عبادية وسياسية واجتماعية, وفقاً لتصريحه عشية خروجه من مكة: "إني لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلا بَطَرًا, وَلا مُفْسِدًا وَلا ظالِمًا، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي, أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ, وَأَسيرَ بِسيرَةِ جَدّي وَأَبي عَلِيّ بْنِ أَبي طالِب", حدد بذلك أهداف وأسس نهضته.

   فالخروج كان لأربعة أسباب؛ طلب الإصلاح, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, والسير بسيرة جده وأبيه, فكل ما يكون من الشعائر, لابد أن يعامل وفقاً لهذه المحددات, إلا الجانب العبادي؛ ويدخل فيه البكاء واللطم, وبذل الطعام, إما إقامة مجالس ومواكب العزاء, فتعد وسائل إعلامية للتثقيف وتوعية وإرشاد المجتمع, بتقويم الأخلاق, ومعالجة السلوكيات المجتمعية, وخلق حالة الوحدة والتلاحم, والتقرب إلى الله تعالى.

   فالتأكيد على الشعائر, ورودها بالقران الكريم والروايات المعتبرة, كونها إحياء للسنن الإلهية, ودروس وعِبر غير قابلة للتهذيب في أصلها, كترقب المنتظرين لنهضة الإمام المنتظر, وترسيخ المبادئ الأصيلة في نفوس المؤمنين, واستكمال مسيرة الرسالة الحسينية, والاستعداد والصمود وتحلي بالصبر في مواجهة التحديات, وظهر ذلك جلياً بتلبية نداء المرجعية بفتوى الجهاد الكفائي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك