المقالات

من سيهشم أضلاع مثلث المخدرات والدعارة والقمار؟!


طيب العراقي

 

دعونا نحترم عقولنا ولا نستخف بها، ودعونا أيضا أن نترك جانبا سماجات الساسة، وأحاديثهم الممجوجة عن نظرية المؤامرة، ومخططات زعزعة الوحدة الوطنية، وضرب التماسك المجتمعي، ومحاولات إسقاط العملية السياسية، ووأد تجربتنا الديمقراطية!

إذ أن كل هذه الأحاديث تعد أحاديثا فارغة، بل هراءا إزاء ما نفقده؛ من خسائر وتضحيات جسيمة، بل يمكن القول أن هكذا أحاديث وأطروحات، تمثل إستخفافا ممنهجا بدماء العراقيين، لا يخدم إلا أعداءهم التأريخيين..

منذ فجر الخليقة، وفي كل الأزمان والأوطان، خصوصا في اتلك التي تستحكم فيها العقائد، لتجد من يعتنقها بشغف ومسؤولية، ثمة من همعلى إستعداد دائم، لتقديم أرواحهم قربانا للوطن والعقيدة..

هكذا كان في العراق وما يزالون، ثلة مؤمنة آمنت بربها فزادها هدى، تقدمت الصفوف ولم تلتفت الى الوراء، للدفاع عن الوطن، نظمت هذه الثلة الملبية لنداء المرجعية الدينية صفوفها، وقدمت ما لا يقل عن عشرة آلاف شهيد وثلاثة أضعافهم من المضحين والجرحى، بين فاقد لطرف، أو مفقوء العين، أو من أصيب بشلل رباعي، وذيل طويل من الأرامل واليتامى والثكالى..ولكنهم أنتصروا...!

في هذه الأثناء؛ وخلف ظهورهم فإن عدوهم الخنزير؛ الذي يعلم أنه سيخسر المنازلة الميدانية مع الليوث، كان يعمل وبلا كلل، على إعداد الميدان لمعركة أخرى، هي معركة القيم..

كانت أدوات العدو في معركة القيم؛ هي ذاتها التي أستخدمها قبله أمثاله، للهيمنة على الشعوب عبر تسميم ثقافتها، وهدم قيمها وأخلاقها، فكان مثلث المخدرات والقمار والدعارة، وفي مدى الرؤية، ثمة إرادة تستهين بما يحدث، وتصور أن المقصود هو النظام القائم وليس الشعب، وواقع الحال غير هذا قطعا!

العدو الخنزير وجد بيئة مثالية لتمرير أجندته المشبوهة، ففي الواقع فإن الثمن الذي دفعناه لتغيير نظام الدولة السابقة، لم نقبض قبالته سلعة جيدة وجديدة، بل كنا مدفوعين بنشوة التغيير، فإشترينا نفس البضاعة البائرة، وهي بضاعة لم تنتج فيما مضى إلا نظاما فاشلا، وسنذهب نحو مصير أكثر فشلا، إن لم نلحق أنفسنا..!

مستوى ما نتعرض له من مخاطر في كل لحظة، إجتماعيا وأمنيا وإقتصاديا؛ يبدو بعيد جدا عن أذهان الساسة، خصوصا المتورطين منهم في قصة المثلث الذي أشرنا أليه، بعدما أمن الفاسدين مستقبلهم ومستقبل أسرهم الأقتصادي، بإمتيازات ومنافع لا تخطر على بال فقراء شعبنا؛ فضلا عن أنهم حصنوا أنفسهم بدروع بشرية، هم المساكين من أبنائنا، الذين أرتضوا من أجل لقمة العيش، أن يكونوا حماة لهم..!

يعني ذلك إجتماع ثلاثة مسارات على صعيد واحد، هي أن الإرهاب في الحالة الأمنية، والفساد في الحالة الأقتصادية، والتردي في الحالة المجتمعية، لا يستهدف إلا الشعب بما هو شعب، وبما هو يعتنق من قيم ومباديء وعقيدة، وأن كثير من الساسة؛ هم وبشكل لا لبس فيه؛ شركاء ومستفيدين من تردي الأوضاع الأمنية والأقتصادية والإجتماعية، وأن هدم القيم يصب في مصلحتهم وإنعاش وجودهم، الذي بات فاقدا لمبررات تصدر المشهد السياسي لأكثرهم منذ أمد طويل..!

أننا نمر اليوم بمرحلة خطيرة؛ أخطر بكثير من الهجمة الداعشوهابية، وليس من المتوقع في نهاية هذه المرحلة، التي لن تكون نهايتها منظورة؛ إذا لم نلحق أنفسنا، أن تكون دولتنا هي تلك التي يتصورها كثير من أصحاب النوايا الطيبة، فمعالجة المشاكل الموروثة بحكمة، تقتضي صبرا وقبولا بتضحيات وآلام شديدة، إذا أردنا التأسيس لدولة صالحة للبقاء، وإذا كنا نريد أن نؤسس لما يستمر، علينا إعادة النظر باستمرار بما بنيناه، وأول ما يتعين مراجعته هو مخرجات العملية السياسية، بقضها وقضيها، برجالها ومخرجاتها!

الحقيقة الساطعة؛ هي أن شعبنا شخص المشكلة، وحدد مسبباتها، وليس من العسير عليه أن يعيد الأمور لنصابها، ويضرب ضربته القاصمة، ويتخلص بآن واحد من الأرهاب وأدواته، ومن الفساد الذي يتمثل بالساسة العقيمين وما يأفكون، وبمافيات مثلث المخدرات والقمار والدعارة، وشعبنا ليس أجسادا خاوية، تركض وراء خبزها كما يعبرون ويتخيلون، بل هو شعب حي خلاق منجب، منتج للأذكياء والمخلصين والأقوياء أيضا، وفي طليعة هؤلاء الرجال الذين أنتصروا على داعش، ورأس رمحهم حشد الله المقدس.

ثمة حقيقة أخرى تفيد أن بناء الدولة الجديدة، مازال يصطدم ببقايا فلسفة الدولة السابقة، التي مازالت تلقى رواجا بيننا ليس لصلاحها، بل لأن البديل غير واضح المعالم..!

..................

شكرا  8/8/2019

 

 

 

 

 

 

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك