محمد كاظم خضير
الشعوب الحيّة وإن فرّقتها السياسة والظروف يجمعها شيء واحد وهو الوطن..فأين أنتم من ذلك يا عراقيين ؟! الوطن هو الحضن الذي يقبل جميع أبنائه وإن أختلفوا ، فهو بمثابة الأم الرؤوم التي لا تنفر اي من ابنائها مهما بلغت بهم درجة العقوق والإنكار! الوطن ليس سلعة أو منحة أو مجرد متاع دنيوي رخيص، الوطن روح سامية تسري في نفوس شريفة وقلوب محبة مخلصة، ولذلك ينصهر الشرفاء في حب أوطانهم انصهارا ويذوبون في ماء وجوده ذوبانا لا يقبل الترسيب، فهل فكرت ثم اقتنعت اخي العراقي بأن الوطن حالة تسامي لا مثيل لها وحالة تمازج بين مصير محتوم وأمل موسوم وعمل منظوم؟!
إن لم تستشعروا قيمة الوطن فأنتم كالعدم، وإن لم تدركوا ما هو الواجب فلا تستحقوا الحقوق، وتلك هي فلسفة الشعوب وهي تعانق الأوطان، لا تضيعوا الكثير فقد اهدرتم وقتا طويلا وأنتم تائهون في بحر متلاطم الأمواج، هائمون على وجوهكم دون تركيز، كأنكم بدوار البحر جميعا مصابون! لا تنتظرون سفينة او حتى مركبا يمكنه أن ينقذكم من هذا الغرق، فقد توارت الى الأفق البعيد كل مشاهد المراكب والسفن وحالت بينكم وبينها أمواج ومسافات شاسعات، فما عاد يجدي نواحا أو بكاء أو آهات مسكونة برائحة العجز وقلة الحيلة!
ليس أمامكم الا أن تكونوا أو لا تكونوا، فالخيار محدود والوهم سراب مسدود، وما عاد يجدي قول أو فعل، فقد بلغت القلوب الحناجر وتوارت خلف متاهات الانتظار نشوة أوهام زائفة، كنتم فيها تترقبون وتنتظرون أن تحدث المعجزة، وتتناسون أن زمن المعجزات قد ولّى، فهل من صحوة وهل من استفاقة في آخر رمق من رحيق الوطن الموجوع؟!.
تذكروا أن العراق أكبر من كل زعيم او حزب وليس ممكنا اختزالها في شخص او شخوص فأتقوا الله في انفسكم وبلدكم الذي يحتضر أخبار يا سياسين 2003، بقصد أو بغيره لم تأتوا بما كان ينتظره الجميع أو بما كنتم تأملون، فلم يزداد الوضع إلا سوء ولم تنجحوا في تغيير البلد الى الأفضل، بل على العكس رجعتم الى الوراء وانتكستم بها الى الدرك الأسفل من الفوضى، حتى شارفت على الإنهيار والإفلاس ماديا وإجتماعيا .
ولهذا سقطت حجتكم وما عليكم الآن إلا الإعتذار والإعتراف بالفشل الكبير، فكفي التمسك بوهم كالمستحيل، فأتقوا الله في انفسكم وبلدكم الذي يحتضر! العراق بيتنا وهو الآن يهوي فقد شاركنا جميعا في إنهيار سقفه، ولا أحد يمكنه النأي عن تحمل المسئولية وإنكار ذلك ، ولهذا نحن الآن في مسيس الحاجة لجرعة شجاعة، تمكّنا من الإعتراف بما نحن فيه الآن من هوان، وما آلت اليه الأوضاع في العراق من تردي، لأن ذلك مفتاح الإعلان على قبولنا التحدّي، تحدّي عواطفنا وانفعالاتنا وبالتالي ركوننا للعقل والضمير والإنخراط جميعا في معركة اعادة البناء والتعمير للوطن النازف.
https://telegram.me/buratha