ا.د.ضياء واجد المهندس
في ٢٠٠٧، عندما دخلت الى خيمة عزاء منتسب في الداخلية استشهد غدرا" في الطارمية ، التقيت ( ستار) ، الرجل الذي عمل معي في اواسط التسعينات كمشرف على نقل وتوزيع اجهزة الاستنساخ والحاسبات، وكان وقتها يدعي ( الشقاوة ) ، حتى لقب ب ( ستار الجسر) ، و افترقنا ولم نلتقي الا بعد عشر سنوات في العزاء.. استقبلني الرجل بالاحضان و بفرحة بالغة ، و معه مجموعة اشخاص يرتدون ملابس عسكرية ، وجلس بجانبي و هو يتحدث عن ايام و شخوص الماضي التسعيني ..جاء شيخ العشيرة ، وبعد ان سلم علي و رحب بي بحفاوة كبيرة ، سال ستار : جائني شيوخ ٤ عشائر ، يسالونني عن ابنائهم ، يقولون ان ستار معتقلهم .. اجاب ستار : مخالفين ، واحد سكران ، واخر مكبسل ، و ثالث يبطنش بالسيارة ، والرابع دراجته بلا رقم و ما عنده اوراق اصولية ...قال الشيخ : ستار ، السجن وين ؟؟؟!!، قال ستار : بيت عمي يريدون يهدمون عمارتهم حتى يعملونها قيصرية ، وتم تفريغها ، وقمت بتحويرها مؤقتا كمقر وسجن ؟؟!!!، قال له الشيخ : انت مع منظمة بدر ، مع العصائب ، مع جيش المهدي، مع حزب الله، مع المجلس الاعلى، مع الدعوة، مع الفضيلة، مع القاعدة، مع الوهابية ؟؟؟؟؟؟، كان ستار يجيب على كل سؤا : لا ، انا مستقل ..!
عندها غضب الشيخ : تروح وتطلق سراح المساجين ، و تقول لهم على انفراد، وصلتنا معلومات من الاستخبارات انتم ما عليكم اي تهمة او شبهة ، حتى لا تحقنا عشائرهم ...قام ستار بتنفيذ اوامر الشيخ مجبرا"، وقام الشيخ بعد ٣ ايام من العزاء بهدم العمارة ، وهو يقول ( يا ستار ..من ستار)..
قبل سنتين تم اختطاف اخد زملائنا في العبيدي في التاسعة مساء" ، و هو عميد سابق للكلية الهندسية التقنية، وكان زار احد الشيوخ قبل ذهابه للعمرة بيوم ..اتصلنا بكل الحكومة و اجهزتها الامنية ، وكان هاجسنا ان لا يتم تصفيته جسديا" كما حصل مع احد زملائنا في ٢٠٠٥ ،وهو المرحوم د.علي مهاوش عميد كلية الهندسة في الجامعة المستنصرية، وقد تم اختطافه من مكان قريب من داري، ووجدناه بعد بضعة أيام مقتولا خلف السدة في مدينة الصدر ..
ذهبت الى صاحبنا (حجي ستار) ، كما يلقبونه الناس ..طلبت منه ان يتحرك بكل الاتجاهات و بمختلف الوسائل لانقاذ صديقنا الدكتور المخطوف..
قال ستار : الحل الوحيد، هو ان نعرف اين هو الان، ثم نحرك جماعتنا لشرائه من الخاطفين، وعليه امهلوني يومين..بعد يومين التقيته، قال لي: ليس هناك دكتور مخطوف موجود عند جماعات الحسينية، الشعب، اور، ابو كبر وغزلان، الحميدية ، الشيشان، المدينة، الحواسم، الاورفلي، والشماعية ..
قلت له: اين تتوقع المخطوف موجود في وقتها..؟، قال: قد يكون في واحدة من هذه المناطق، العبيدي، بغداد الجديدة، الفضيلية، البلديات، الزعفرانية..وبالفعل عندما تم انقاذه من بيت في البلديات، وهو مختطف من قبل مجاميع مسلحة تدعي انتسابها لفصيل مسلح...عندما سالت (ستار) عن دقة معلوماته..قال لي : ان عصابات الخطف مافيا، شبكة من مجموعات، كل واحدة تتحرك في منطقة، وهناك مافيا اراضي الدولة التي تستولي على اراضي الدولة وتوزعها وتبيعها، وهي مدعومة من احزاب و مجاميع مسلحة ومستثمرين، وهناك مافيات الكراجات والتي هي مدعومة من احزاب ومجاميع مسلحة وشرطة وحرس ومسؤولين من امانة بغداد. و هناك مافيا عقارات الدولة وهي شبكة مكونة من احزاب و جماعات مسلحة وموظفي عقارات الدولة و مستثمرين ..وهناك مافيا الصناعة وهي شبكة من احزاب و مجاميع مسلحة ومسؤولين في الوزارة و مخابرات اجنبية، وهناك مافيا المخدرات و فيها تشابك لبعض الاحزاب و الشرطة و جماعات مسلحة و مخابرات اقليمية و مستثمرين ،
اما مافيا الدعارة، فالكل مشترك فيها مثلما هم مشتركون في مافيا تجارة الاعضاء وتجارة البشر وتجارة السيارات المهربة والمسروقة وووووو...والغريب ان كل شبكة تعمل بخط لا يتقاطع مع شبكة مافيا اخرى، وبعضها تدار محليا واخرى مرتبطة بمخابرات اقليمية ودولية، مثلما هي تجارة الاثار وتهريب النفط وتزوير الشهادات والانتخابات ومزاد العملة في البنك المركزي ومزاد المناصب في هيكل الدولة...
تذكرت هذا المقال الذي كتبته قبل سنتين، و الأجواء المحيطة بالمشهد السياسي ضبابية... عرابو صالات القمار والروليت ،وشبكة دعارة، والاتجار بالبشر العمالة والمتسولين هم من اثرى الاثرياء الذين يجنون مليارات الدنانير يوميا، وتحميهم اجهزة الدولة،ومجاميع مسلحة تابعة للحشد كما هو شائع عند السطحيين..ان رجالات ( لاس فيغاس بغداد) وهي المنطقة المحصورة بين باب الشرقي والجادرية مرورا بالفنادق الكبرى وملاهي الكرادة والعلوية ،بالاضافة الى اماكن اخرى في المنصور وزيونة والحارثية ..
لازالت هذه المنطقة تخضع لادارة شبكات الدعارة للعراقيات و السوريات من الذين دفعهن العوز، او خضعن بفعل القوة و الابتزاز ..نحن في بلد ظاهره حكومة فيها وزارات و هيئات و مؤوسسات ووو، وحقيقتها دولة متشابكة من مافيات صنعهم الاحتلال، و دعمتهم دول الجوار، و رعتهم الكتل و الاحزاب السياسية ،و ركزتهم شريحة فاسدة من مستثمرين و موظفين فاسدين ، فلا نستغرب من ان الاكشاك او الكراجات او المولات او المتنزهات و...و...و...، هي من نتاج غسيل اموال و اعمال و تجارة مافيا، التي تعتبر واحدة من ادوات ادارة الدولة الخفية، والتي تهيا الاوضاع و تنشىء الظروف الملائمة لصورة حكومة الواجهة ...
لسنا الوحيدين الذين يمتلكون معلومات على شبكات المافيا الخفية التي تدير و تحكم الدولة ، فعندما تتشابك المصالح و ترتبك الاوضاع تظهر الى الواجهة مصلحة المافيات ، والتي تسعى لخلق ضجيج سياسي يصدع الناس لتمرير من يختاروه ليكون على سدة الدرجات الخاصة ... في الكواليس هناك سعي لتعديل وزاري قد يمتد لخمس وزراء ابتدا من وزير الشباب الى وزير الاتصالات مرورا"بوزير الكهرباء و الصناعة ، و البعض يسعى وراء استبدال وزير المالية مع اختيار وزيرة تربية خنجرية الولاء ، قطرية التوجه ...
ومافيا المناصب لازالت تستخدم جيوشها الالكترونية، و مال القمار و الدعارة في تفضيل مرشح لمنصب المحافظ على اخر في كل من محافظة ذي قار و محافظة الديوانية ...
اللهم ارحمنا و اغفر لنا و اعف عنا
انت مولانا ، احمنا ، واهدنا الى الطريق القويم.
https://telegram.me/buratha