عبد الحسين الظالمي
في كل دول العالم الأحزاب والحركات السياسية تنمو وتتطور عموديا وفي بعض الحالات تتمدد افقيا وغالبا ما يؤدي ذلك الى الانشقاق او بروز حركه او حزب جديد يجتزىء بعض من الاسم الاول ويضيف له ما يميزه ، اما في التطور العمودي المعتاد وهو حتمية يفرضها الزمن والإحداث فأما يمضي باتجاه التجديد، والتطور الممنهج المنضبط او باتجاه الاندثار والنهاية.
خصوصا عندما يفشل في مهامه سواء في الحكم او ادارة التنظيم والمهام والأهداف، او ابتعاده عن الفكر الذي جعله منهجا له وخط يسير علية .
ترتفع القيادات الحزبية في السلم القيادي ثم تنحدر لتصعد أخرى محلها مع إعطاء دور لمن كان في القمة ليكون رافدا للحزب بتجربته وفكره وتاريخه وليس منشقا يهاجم الحزب .
تتميز الأحزاب صاحبة الفكر بالولاء للفكر والمنهج وليس لشخوص القيادات لان فكرة البقاء ولاستمرار هي للحزب او الحركة بفكرها ومنهجها وليس للقيادة مهما كانت لان الأخيرة حكمها الأفول المادي وقليلين جدا من احتفظوا بالنجومية للاخر لحظة .
فمن تمسك بالقيادة الشخصية للحزب او الحركة انتهى او تمزق بنهاية القيادة (البعث نموذجا )
لذلك لجأت بعض الأحزاب الى فكرة الشورى أو الهيئة أو المجلس او الأمانة وذلك لغرضين الأول إضفاء طابع المشاركة في صنع القرار، او تلافي الانهيار والتمزق عند تعرض القيادة الى حدث معين ( اغتيال او موت).
في الدول المتحضرة يجري تقييم دوري لأداء العضو وكذلك للحزب بشكل عام على المستوى الداخلي والخارجي ومدى تحقيق الأهداف المرسومة والمقرة في المؤتمرات الحزبية التي دائما ما تكون مؤتمرات مراجعة وليس مؤتمرات استعراضية خطابية كما يجري عندنا ، ناهيك عن التقييم الشعبي من خلال الانتخابات ، لذلك نرى في حالة شعر العضو بفشل يقدم استقالة من المهام او في حالة شعرت القيادة بأي إشارة فشل أو عدم القدرة أو سوء استخدام للموقع داخل الحزب او في المهام الحكومية التي يديرها الحزب أو الحركة أو التيار فهي التي تسارع إلى طلب ذلك .
اما احزابنا في المنطقة العربية والعراق بشكل خاص سواء كانت إسلامية من حيث الاسم ولديها ومضة من التطبيق او الأحزاب الوطنية او العلمانية فا لتقيم يجرى ليس على أساس الأداء من اجل الأهداف والقيم والمبادئ بل على أساس الولاء للقيادة وتحقيق ما تصبوا له ، لذلك سرعان ما يصبح القائد او المسؤول او المتصدي للقيادة هو الكل بالكل ( ان قال، قال الحزب وان سكت سكت الحزب) وذا انتهت القيادة بموت او فشل انهار الحزب وتمزق او انشطر وتشظى الاماندر.
من يريد ان يكون قريب ويستمر في سلم الصعود عليه ان يكون قريب من دائرة الضوء ليس بالاعمال والافعال والافكار التي تكون منسجمة مع منهج الحزب او التيار بل لقربه من دائرة الضوء الاحمر ( القيادة ).
اللامعون دائما هم الذين يكونون قربى على تلك الدائرة ، ومن يبتعد ينسى ويوضع على الرف حتى ولو كان يحمل ما يحمله العشرات من أصحاب دائرة الضوء الاحمر.
لذلك ساد طابع المنافع الشخصية والتملق والتزلف موازين التقيم وتكونت دوائر يصطلح عليها ( الحاشية ) ويسميها القران ( البطانة ....)
من هنا نرى اغلب احزابنا تبدأ بأهداف وتنتهي بأهداف ربما مغايره تماما لمبادئ التأسيس.
الغريب في الموضوع ايضا ان الحزب او الحركة خصوصا من يحمل الاسم الاسلامي للدلالة على المنهج والاهداف اغلبهم تزاحمت لديهم حالة سبل الوصول الى السلطة وحالة الحفاظ على الفكر والمنهج ، للاسف ان الاغلب انحرف باتجاه سبل الوصل وترك الاهداف ، فحرصه على زيادة عدد اصواته كا سبيل للوصول للسلطة جعلته يتراجع عن ثوابته ومرتكزاته الفكرية .
الغريب ايضا ان الانحراف عن المبادىء لم يقف عند سبل الوصل للسلطة فقط بل سرى الى السلطة نفسها والتي يفترض ان تكون اداة لتحقيق اهدافه ومبادئه التي يناضل من اجل تحقيقها بل اصبح الحفاظ على السلطة و بهرجها هو الهدف والغاية واصبح العضو المقرب للقيادة من يمكنها من البقاء في السلطة والبعيد من يكون بعيدا عن مساعدتها في ذلك حتى ولو كان مثالا لقيم وافكار الحزب او الحركة فالرف هو مكانه الحقيقي ، والساحة لمن موجود وامام الانظار لذلك فشلت اغلب الاحزاب في تحقيق طموحات اعضائها المبدئين لتصبح سلما لتسلق المتزلفين.
لذلك اصبح الفشل هو السمة البارزة في البناء والاداء ونحدر الكل قاعده وقيادة الى مستوى جعلت الحزب او الحركة في موقف صعب ذا تحدث عن افكاره وقيمه الحقيقية ، فالعدالة بالعراق اصبحت اضحوكة رغم انها شعار الكل والنزاهة كذلك والحديث عن الوطنية لا يحسد على حالة، والتعفف اصبح انغماس في الملذات ، وتأويل الحال جاهز ( يتكلم بالزهد ويقلب الدنيا ولم يقعدها لان السيارة التي يستخدمها لم تكن جكسار بل بقت فكسار ).
ولذلك انت كعضو امام خيارين اما الهرولة نحن القمة وفق المواصفات المطلوبة اعلاه وحتى هذه ايضا فيها وقت انتهاء لان المقربون اولى ، او ان تترك وتختار الرف او الجلوس على مرتفع وتشاهد ما يجري، والمشكلة في ذلك ايضا انت امام الراي العام محسوب منسوب حتى ولو كنت في اعلى التل متفرجا . لذلك اصبح الدفاع عن القيم الاسلامية والوطنية محط استهزاء، لان المصاديق على الارض غير الادعاء والمؤسف ايضا اصبح لسان البعض من الخصوم والاعداء طويلا جدا بل وجارحا ومخجلا في نيله من القيم ومبادىء العمل التضحوي الطويل .
لقد اصبح الهروب افضل سبيل من المواجهة امام الاساءة والتهكم والنيل من القيم والتاريخ والحجة القاتلة في ذلك تعتمد على ( من فمك ادينك ) او ( الشاهد منك وبيك ) من جراء الصراع غير الشريف ونشر الغسيل الذي ارادت منه بعض الاحزاب وسيلة تسقيط ضد الخصم الاخر فتحول الى سيف يقطع رؤوس الكل، وليس لك ان تقول ، احترقنا واحترق تاريخنا وتضحياتنا ودماء شهدائنا بفعل اساليبكم ، الاموال والقصور والارتال والمناصب ومنافعها لكم والسب والتهجم والنيل والتخوين يعم الجميع ويهتك بالقيم وانتم تسمعون وغدا تسألون وقد بلغت الامور مبلغا لولا فسحة الامل التي تركتها لنا الفتوة لأصبح الوضع يرثى له لذلك مطلوب من الجميع المراجعة الحقيقية للذات وتصحيح المسار والتقليل من المساحة الفاصل بين الادعاء والتطبيق حتى يمكن الخروج من دائرة المقت الالهي ( كبر مقتا عند الله ان تقولون مالا تفعلون ). اما مقت الشعب فبدى يتحقق يوما بعد يوم .
https://telegram.me/buratha