المقالات

المعارضة والسفر نحو المجهول بعربة مثقوبة الإطارات..!


طيب العراقي

 

يمكننا أن ننظر الى التغيرات التي حصلت بعد الانتخابات الأخيرة، ومنها ذهاب بعض القوى السياسية نحو المعارضة، كوسيلة إيجابية فاعلة ومهمة، لتغيير نمط التفكير السياسي السائد بالمجتمع عموما، ولدى المنخرطين بالحقل السياسي خصوصا، وعند الطبقة السياسية المتصدية بشكل أخص.

المعارضة إذا تجردت من النوازع الذاتية والفئوية والحزبية،  يمكن أن تكون طريقة؛ للخروج من المأزق السياسي الخطير، الذي أوقعنا فيه ساسة الصف الأول، وفي هذا الصدد تبدو الأمور؛ قد وصلت حدا لا يعرف فيه الساسة، أنهم بخلافاتهم التي لا تنتهي، آخذين بالوطن إلى المجهول.

بعض الساسة، سواء منهم الذاهبين الى المعارضه، أو المتصدين لصف الموالاة، من أختصر العراق بشخصه، حتى بدت الصورة وكأن مستقبل العراق في كفة، ومستقبل أي من هؤلاء السياسيين، في الكفة الثانية من الميزان، وكفته هي الأرجح على كفة العراق ومستقبله.

لنقف قليلا عن نقطة "الذهاب" المعارضة، كمنهج للتعاطي مع مستقبل العراق، في وقت لم يكن فيه هذا الوطن المبتلى؛  مهيئا لمعارضةً شديدة الأساليب، نظرا لحداثة التجربة السياسية، وحجم التراكمات والتحديات التي يواجهها الوطن والمواطن، وهي تحديات وجود قبل أن تكون تحديات خدمات؛ فالسياسي الذي يفكر بعقلية أنا ومن بعدي الطوفان، يأخذالوطن و نفسه ومعه أتباعه ومريديه وجمهوره، بعربة إطاراتها مثقوبة نحو المجهول، إذ ان تفكيره منحصر بحالة واحدة فقط، أما السلطة أو السلطة ولا خيار آخر، والخسارة عنده محرمة تماما، وثقف حزبه وجمهوره على هذه النظرة.

طبعا يسوق "المعارض"، الخسارة وعدم حصوله على استحقاقاته من السلطة، على أنها مؤامرة دنيئة؛ تعرض لها من قبل خصومه السياسيين، وربما سيتهم أوساطا من داخل حزبه، ولوائح الاتهامات جاهزة، أولها أنه تعرض لاستهداف مقصود، مدفوع بأجندات خارجية!

الحقيقة هي أن مسألة كهذه؛ لا تقاس بالخسارة الشخصية والحزبية، ولنفترض أن ثمة إستقصاد ومؤامرة؛ من هذا الطرف أو الأطراف، ضد سياسي بعينه وضد كتلته السياسية، وهنا من حقنا أن نتساءل؛ أما كان به وبكتلته، التأشير الى ذلك مسبقا؛ وتقديم الأدلة والطعون، ليتجنبوا الخسارة الإستقصادية كما وصوفا خسارتهم، ثم أليس أولى بهم؛ البحث في الأسباب التي جعلت الآخرين، يستقصدونه بالمناكفة والعداء؟! وأول مضان البحث في النفس وفي البنية التنظيمية لكيانه؟! 

الحقيقة أيضا هي أنه أذا تجرد هؤلاء الساسة، ولو للحظة واحدة ووقفوا عند أنفسهم منفردين، وتخلصوا من عقلية المؤامرة، ومن مشورة السيئين الذين يحيطونهم، سيجدون أن مع الآخرين؛ بعض الحق على الأقل!!..وإذا توصلوا إلى هذا الاستنتاج، يكونون قد قطعوا مسافة مهمة، من الطريق إلى الحقائق المنطقية..

لكن كيف لهم أن يصلوا إلى بداية هذه المسافة، وهم منغلقين على جماعة، لا ترقب في شعبها ذمة، همها الأول والأخير؛ أنا ومن بعدي الطوفان..

نصيحة مخلصة للمعارضين ؛ تأكدوا أن ثمة حاجه حقيقيه لمعارضةٍ بنائة تبني ولا تهدم ، تعمل بلا ضجيج ،تنصح ولا تسقط، وأن كثيرين يريدون بالعراق الخير، وهم باسطوا الكف لكم ألفة ومحبة، فقط فتشوا عنهم؛ وستجدونهم ليسوا بعيدين عنكم، فما بينكم وبينهم إلا شمرة عصا، وهي المسافة بين الحق والحقيقة

هكذا سنكون وإياكم، بمستوى المسؤولية الشرعية والوطنية، في مصارحة انفسنا، والوقوف امام نزعات رغباتنا، ليكون الوطن والشعب هاجسنا الاول، وهمنا الذي يقض مضاجعنا، لنرسم بعدها خارطة العراق، بألوان التكاتف والتسامح والمحبة، ونكران الذات، وان نلغي من قاموسنا المصالح الانية الضيقة، التي لا تفضي الى التناحر والتنافر، وفسح المجال امام المتربصين، للايقاع بتجربتنا في التغيير، وبناء العراق الجديدفي بحر الضياع.دعونا وبعيدا عن عقلية التآمر المريضة، نرسم خارطة طريق جديدة، مساحاتها حب الوطن ومصلحة الشعب، ووقف نزيف الدم العراقي؛ الذي استباحه من لا يريد بنا خيرا..!

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك