محمد كاظم خضير
وجوه نراها كل يوم ,منذ وقت الفجر أول النهار , حتى آخر اليوم , في الظهر وحر الشمس يلفح الوجوه , فئة بنظر الكثيرين من الناس أنها دونية ,لا ترقى للمستوى .
إنهم عمال النظافة , الفئة الأكثر رقياً وأدباً من بعض البشر, فلا تراهم يفتعلون المشاكل في الشارع,ولا يلقون مخلفاتهم على قارعة الطريق, ولا يرمون بقايا طعامهم بالقمامة,بالمقابل هناك من ينامون ببيوتهم ,ويتنعمون بقصورهم, ويأكلون مالذ من خيرات, ويشربون ما تحتار النفس باختيار نوعه, لكنهم بالوقت نفسه, لا يعرفون للمعاناة طريقاً ولا معنى ,ولا يعرفون للحياة من قسوة, ولا دمعة تذرف من أجل لقمة العيش .
تلك الفئة المتعبة المنهكة في هذه الدنيا, التي تستفيق قبيل الفجر,في ساعات الليل ,حتى يعملوا على راحتنا, ينظفون لنا الطريق وأمام منازلنا, وشوارعنا , مقابل دراهم معدودة لا تسمن ولا تغني من جوع .
فئة من البشر قُدّر لها أن تحيا حياة الشقاء ,وليس ذنبهم ما هم عليه من فاقه وفقر وحاجة, فلماذا تلك النظرة القاصرة من البعض تجاههم ,ألا يكفيهم ما هم فيه وما هم عليه .
o شهادة حق يجب أن تقال في حق عمال النظافة, لولا أن سخرهم الله تعالى لامتلأت البلاد بالأمراض والأوبئة, وهلك الناس واستحالت الحياة , فلهم منا عظيم التقدير والامتنان .
سؤال نوجهه لأنفسنا: ماذا لو امتنع عمال النظافة عن العمل ثلاثة أيام ؟ ماذا سيحصل؟ دعونا نتخيل إن استطعنا أن نتخيل .
ذاك هو عامل النظافة، البعض يطلق عليهم (زبالين).. والبعض الآخر لا يرى لهم أي وجود، والآخر يتقزز بمجرد مروره من جانب عربة العامل، ترى هذه الحالة فقط في البلاد العربية!!، أم موجودة عند الغرب؟ فقد حظي عامل النظافة بكل الحب والاحترام، حتى انه في بعض الدول نصب له تمثال لعمله المشرف، كونه احد الجنود الذين يقتلون اعمارهم في التقاط قذارة الآخرين فقط من أجل إظهار الوجه الجميل للمدينة، إلا أنهم في مجتمعاتنا يعانون من قسوة المعاملة ونظرة الاستصغار، ناهيك عن الإهانة وسلب الحقوق، والتعدي على كرامتهم من قِبل بعض الناس ، ليس لشيء سوى لأنهم اختاروا لأنفسهم هذه المهنة الشريفة، فهم أيضا بشر مثلنا ولديهم مشاعر فينزعجون كثيراً من الذين ينظرون لهم بدونية وقلية، على اختلاف أعمارهم فترى ذا شيبة بيضاء يلمع أطراف الشارع بمكنسة يدوية، وشاب في ربيع عمره يحمل أكياس النفايات على ظهره، يعملون من منذا ساعات الصباح الأولى حتى نهايه الدوام ، ومن أهم واجباتهم هو تفريغ حاويات القمامة الكبيرة وإفراغها في السيارة المخصصة لذلك، وهو لاشك عمل شاق يحتاج إلى كثير من الصبر والطاقة وعليهم أن يتحملوا الروائح الكريهة، يحاولون قدر المستطاع عدم إزعاج المارة،
يا معشر من قُـدّر لكم خدمة الناس ,فضلكم علينا كبير ,وأجركم عند الله أكبر, يا من تعملون بصمت ,ولا يشعر بمعاناتكم أحد, أو بمرضكم أحد, وان غبتم لا يتفقدكم أحد ,لله دركم , فأنتم للغنى معنى وأنتم للكرامة رمز , وأنتم العطاء.
وفي نهاية المقال يباغتني سؤال اجابته مخيفة جدا.. ما هو الضامن لكي يستمروا في خدمتنا، وما هو المغري لكي يلتحق آخرون بهذا العمل الشاق، والأكثر أهمية للانسان والبيئة؟
اتحدث هنا عن عمال النظافة أما الإجابة: بالطبع لا شيء يضمن استمرارهم في ظل ما يعانون من هضم لابسط حقوقهم نظير جهود تفوق مهام أكبر مسؤول في الدولة، ولا شيء يمكن أن يغري آخرين لمجرد التفكير بالعمل في ذات المجال.
نحن الشعب ما نزال نزدري عامل النظافة، نحن الشعب الذي لا يتحلى بأدنى وعي بيئي ما نزال نؤذي من يعمل بالنظافة، نحن الشعب الملوث من الداخل ما نزال نتأفف من عمل عامل النظافة، ولهذا سنظل شعب متخلف إلى منتهى الوجود
https://telegram.me/buratha