المقالات

المعارضة.. أيقظتها القيم! أم أوجدتها المصالح؟


علي فضل الله الزبيدي

 

الملاحظ في الوضع السياسي العراقي، إن عموم النخب العراقية وليس الكل، تتعامل مع ضرورات العملية السياسية العراقية بإسلوب ردة الفعل، أو تتناولها بإسلوب سطحي لا يغوص في عمق المشكلة، فنصب إهتمامنا على القشور ونهمل الجوهر، وهذا ما جعل الفوضى السياسية تزداد يوما" بعد يوم، والأدهى من ذلك إن الساسة إستطاعوا بعلم او من غيرعلم، بمنهجية معدة مسبقا" أو بفطرتهم الشريرة، أن يجروا المثقف العراقي لمساحتهم الفوضوية دون أن تستطيع النخب والكفاءات العراقية إستدراج الساسة إلى مربع المقارنة بين المنهج (النظرية) والتطبيق، لنعرف مدى جدية الطبقة السياسية بإرساء مبادئ الدستور والقانون، حتى نستطيع أن نغادر مرحلة طنين الشعارات الرنانانة.

إن أعلان تيار الحكمة وتحالف النصر توجههم صوب المعارضة السياسية، خطوة أثارت لغط كبير بين الوسط السياسي والإجتماعي، وأثيرت شكوك كثيرة حول هذا التحول السياسي لمكونين مهمين داخل العملية السياسية، والذي لفت إنتباهي حالة الإحباط الكبيرة لدى النخب العراقية المثقفة، جراء قرار الحكمة والنصر، بتوجههم لكابينة المعارضة السياسية أو التقويمية كما يسميها البعض، والتشكيك العجيب بهذه الخطوة المهمة جدا"، لتقويم العملية السياسية، فكيف لنا أن نصف نظامنا السياسي بالديمقراطي؟، في ظل غياب المعارضة السياسية الحقيقية، والحكمة السياسية تقول (لا ديمقراطية من دون معارضة...)، فالمعارضة ضرورة ملحة يجب أن تكون حاضرة ضمن هذا المشهد المدلهم بالفوضى والفساد.

التساؤل الغريب الذي أثير بإتجاه هذه الخطوة المفاجأة، سواء من الأحزاب المتسيدة للعملية السياسية، أو نخبة المجتمع العراقي، إن الحكمة والنصر خرجا للمعارضة، لأنهما خسرا إستحقاقهما الإنتخابي، ولم يحصلا على تمثيل داخل الكابينة الوزارية، وهنا لو سلمنا جدلا" لهذا الإفتراض وسلمنا بصحته، أود أن أسأل من يشكك بخطأ هذا الأفتراض : هل السياسة قائمة على القيم أم المصالح وفي أحسن النظم السياسية؟ قطعا" السياسة بعموم مفاهيمها قائمة على المصالح، والمعارضة القيمية التي نتكلم عنها، لا تكون إلا عند الأنبياء والأوصياء، فرسل السماء تمتلك القيم وتناضل وتجاهد من أجل دحر قوى الظلم وإنشاء دولة العدل والمساواة، ومن يتصدى للسياسة في العراق ليسوا من الأنبياء والرسل بل من عامة الناس، وهذا المفهوم قد يثير تسأول أخر، إذن ما الفائدة من وجود المعارضة التي خرجت من أجل المصالح؟.

أقولها بكل واقعية وبعيدا" عن نسج الخيال، هذه الخطوة المفاجأة تكون قد غيرت قواعد اللعبة السياسية في العراق، وأول مظاهر الإختلاف والتغيير إننا على أبواب توديع النظام السياسي التوافقي الحزبي والذي كان من مآسيه!! إن جميع الأحزاب السياسية والتيارات تمثل الحكومة، وكلها بنفس الوقت معارضة فغدى لون الدولة العراقية رمادي، فالكل يشكك بالكل والكل يدافع عن الكل، وهنا ضاعت الحقوق وتفشى الفساد وترهلت الحكومة ونخرت مفاصل الدولة العراقية، بينما المتوقع بعد هذه الإنعطافة من النصر والحكمة، أن نشهد تفعيل ل(ماهية) المعارضة، أي نرى معارضة حقيقية وليست صورية كما كانت من قبل.

وما يترتب على ذلك هو تفعيل للدور الرقابي، ومن قبل مكونات سياسية فاعلة داخل المشهد السياسي العراقي، فهذا الأختلاف السياسي، رحمة كنا ننتظرها منذ عقد ونصف العقد، ومن المفترض أن يفعل هذا الجزء الحيوي المعطل من جسد الدولة العراقية، فالدولة حكومة و(معارضة) وشعب، وغياب أي جزء من تلك الأجزاء الثلاثة، يعني حصول إختلال وظيفي وسياسي ومجتمعي، تكون نتيجته دولة ضعيفة وهشة تتقاذفها الأزمات السياسية..

والنوايا ضامرة تكشفها الوقائع والمعطيات، فمتى ما كانت الحكومة صاحبة منجز وأثر إيجابي من حيث التشريع والتنفيذ، نكون معها ونجدد الثقة لها عند كل دورة إنتخابية، والعكس يعني إننا سوف نمنح الثقة للمعارض السياسي الذي يبين لنا مواطن الخلل والفساد في عمل الحكومة، أي إننا أصبحنا نملك البديل والذي يملك البديل لا يحتكر، فيا ساسة العراق وكذا مثقفيه أتركوا النوايا وأهتموا بالعمل والإنجاز.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك