عبد الحسين الظالمي
يعرف التطور بأنه حالة تراكمية وافكار تبحث عن الفرص المتاحة لاستغلالها ويجاد فرص بديلة لفتح مسارات الاستغلال الامثل للامكانات والقدرات المادية والبشرية في المجتمع والاستفادة القصوى من التجارب الاخرى للتأسيس لماهو جديد وكمال ماهو صحيح ومعالجة مواطن الفشل .
يبقى التطور والرقي هدف منشود لكل البشرية شعوب ودول وافراد لمواكبة متطلبات الحياة التي تزادد يوم بعد يوم وقد يكون التطور نفسه في مكان ما سببا لتزايد هذه المتطلبات في مكان اخ .
وقد زادت سرعة الحياة وتعقيداتها وابتعدت عن البساطة بعد الثورة الصناعية وما تلاها من ثورات في المجال التقني والصناعي وتطور المواصلات مما ادى الى تداخل الشعوب وانفتاحها على بعضها وصبح من غير الممكن التخلف ولانعزال عن الركب فالعالم اصبح قرية ثم اصبح بيتا واحد او ربما جهاز هاتف متطور بيد شاب صغير يستطيع ان يرى ويتابع فيه العالم من اقصاه الى اقصاه .
هذا التطور والترابط جعل الفرد والاسرة والمجتمع مجبرين على مواكبته واللحاق بركبه والاستفادة من فرصه مما شكل عبئا كبيرا على الحكومات والذي يراد منها مواكبة التطور حتى تتمكن من الايفاء بواجباتها الوطنية اتجاه شعبها واي تخلف او تباطىء يجعل الفاصلة تزاد اتساعا بين ماموجود وماهو مطلوب ، فبعد ان كانت الفاصلة بين الدول المتقدمة والدول النامية ٥٠ عام وبينها وبين الدول المتخلفة اكثر من مئة عام .
في الوقت الذي تقدمت دول نتيجة استثمارها لكل الفرص المتاحة ولامكانيات الذاتية والخارجية تراجعت اخرى نتيجة اسباب داخلية وخارجية، ومنها ظاهرة الحروب الداخلية والخارجية التي تزجت بها بعض الدول نتيجة صراع مصالح دولي او نتيجة تهور حكامها ، وهذا ما ابتلى به العراق في القرنين الاخرين مما جعل العراق يتراجع من مرتبة الدول النامية الى مرتبة الدول المتخلفة اوربما مادون ذلك وفي مختلف المجالات بعد ان كان العراق مرشحا ليقفز الى مرتبة الدول المتطورة كما حدث لدول مثل كوريا وماليزيا وندنوسيا رغم توفر موارد التطور واسبابه لدى العراق اكثر بكثير من تلك الدول المذكورة ولكن للاسف اهدر كل هذة الموارد والفرص المادية والبشرية وشتت القوى المتاحة للتطور بالقوة والفعل .
يذكر ان هناك ما يقارب اربعة الالف طبيب عراقي في انكلترا ومئات المهندسين وعلى راسهم رائدة الهندسة المعمارية في العالم ( زها الحديد ) . في الوقت الذي اخذ العالم يتسابق بسرعة الصوت على فرص التطور بقى العراق يزحف على مستوى التنفيذ فيما انطلقت اذهان الناس وابناء الشعب العراقي نحو التحرر من قيود الحصار الفكري السابق الذي عزل العراق عن العالم ومحيطة ليجد الشعب نفسة في اخر القائمة وربما لم يجد اسمة في بعض التصنيفات وهو الذي كان يتصدر بعضها في مراحل زمنية معينة لذلك نرى الفجوة الكبيرة ما بين طموح ومتطلبات الجماهير متارجحة مابين امور يخجل الانسان ذكرها وهو في القرن الواحد والعشرين مثل الماء والكهرباء وتعبيد الطرق والمدارس وفرص العمل وبين ما يتمنى ويرى ما حوله وهو الذي يملك كل متطلبات مايحدث في جوارة على اقل تقدير لذلك تراه يطلق العنان في تفكيره ليقارن نفسه بادول مثل الامارات التي كانت تتمنى ان تلحق البصرة في السبعينات متناسيا ان الامارات لم ترى حربا واحدة في عمرها في الوقت الذي لم يمض على العراق عقدا واحدا بدون حرب مدمرة وخصوصا في العقود الخمسة الاخيرة ( الحرب الاهلية الكردية ٥ سنوات تقريبا في عقد السبعينات قال عنها صدام انها لم تبقى قذيفة واحدة في مخازن الجيش العراقي ، الحرب الايرانية العراقية ثمان سنوات كلفت العراق ماديا مايقارب ٦٠٠ مليار دولار في عقد الثمانيات ثم حرب الكويت وماتلاها والتي امتدت من عام تسعين الى عام ٢٠٠٣ مايقارب ١٣ سنة حصار وحرمان كان اشد على العراق من وطأة الحرب ثم احتلال العراق عام ٢٠٠٣ وتداعياته والتي امتدت لاكثر من سبع سنوات من قتل وتفجير وذبح على الهوية واخر حروب العراق هي حربه مع داعش مايقارب الاربع سنوات وربمالازالت اثارها .
تخيل سنوات الحروب ( ٥ + ٨+ ١٣+٧+٤=٣٨ عام حرب مدمرة من فترة ٥٠ عام فقط اكلت الاخضر واليابس من واردات العراق ودمرت بناه التحتية وحتى السنوات ١٣ المتبقية لاعرف كيف اصنفها فهي لاتخلو من هزات لاتقل عن اثار الحرب .
المعروف عن العراق بلد شبابي اغلب جيله الان لم يعيش امتددات تلك الحرب واثارها وهو غير مجبر ذهنيا وواقعيا ان يحسب تراكماتها لانه يعيش يومه وليس من الصحيح ان نقول له اننا في زمن كنا ناكل ( النوات) او لم نحلم بالموز او علبة ببسي كل ذلك لا يعنيه انما يعنيه يومه ومايرى لامثاله في محيط جواره ،فيما يعني ذلك الحكومات التي لم تجد بناء تراكمي تكمل حيث وجدت مما يعجل في دوران عجلة التطور والمواكبة بل العكس تماما كل شىء مدمر وعلى راس ذلك الدمار هو الدمار الذاتي والنفسي للانسان العراقي نتيجة الحروب وثارها ، ناهيك عن الصراع وسوء التخطيط الناتج من فوضى التخلف والاثار النفسية والامراض الاجتماعية وحرب التسقيط والاخطاء التي ارتكبتها الحكومات المركزية والمحلية والتي كان من المفروض ان تجعل من اليوم ٤٨ ساعة وتجعل من الدينار الف من حيث الاستغلال الامثل للموارد حتى يمكن ان نواكب ولو بنسبة معينة مايجري حولنا واكثر ما نحتاجة هو نسبة من الانصاف والواقعية وهمة عالية وخلاص في الادء واستثمار امثل للموارد
وان يمنحنا القدر ( عطوة من الحروب ولو عقدين فقط لنكتشف من يسرقنا حقا الحروب ام حرامي البيت ) والله المستعان .
ــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha