علي الطويل
في كل مرة تحقق فيها قوات الحشد الشعبي انتصارا باهرا او انجازا كبيرا ، نرى في الجانب الاخر هجمة ظالمة تستهدفه وتقلل من امكانياته وتستهدف وجوده ، فمرة يتهم الحشد الشعبي بالطائفية ، ومرة يتهم بانه من يسيطر على الحكومة وقراراتها ، واخرى بان من عناصره وقادته فاسدين وهمهم جني الاموال وشراء العقارات والسيارات الفاخرة ، وما الى ذلك من قائمة طويلة عريضة من التهم الجاهزة يروجها القلقين من وضع الحشد الشعبي وقوته ، فلماذا ياترى كل هذه الخشية وكل هذا الخوف من الحشد ؟ .
الذي يطلع على الاحداث ويسترجع مجرياتها - وزمانها الذي نتحدث عنه ليس ببعيد - سيجد ان ماحققه الحشد الشعبي من انتصارات وانجازات في وقت قصير من عمره -رغم ظروف تاسيسه وامكانياته المتواضعة - سيجعله يتفهم هذا الخوف وهذا القلق ، فقد راهن الكثير من اصحاب الاجندات على ضعف الدولة العراقية وتلاشي قوتها لاسباب كثيرة ومتعددة ولتمرير اجنداتهم المختلفة ، فالعامل الخارجي اراد الدولة العراقية دولة ضعيفة ليمرير مخططاته من خلال هذا الضعف الذي خلقه هو في احيانا كثيرة ، ونعني به الولايات المتحدة الامريكية التي حملت معها مشروعا كبيرا لعموم منطقة الشرق الاسلامي يمر عبر احتلال العراق وليكون هذا الاحتلال مفتاحا للتغيير في كل المنطقة ، فطبقت على العراق كل مشاريع التمزيق والتفتيت والحرب الداخلية وكان اخطرها مشروع داعش الذي مزقه الحشد في عامين رغم الامكانيات الهائلة من المال والسلاح والاعلام ، وبالمقابل استطاع الحشد سحق هذا المشروع وبامكانياته المادية واللوجستية المتواضعة ، الا من سلاح العقيدة الذي يحمله ، هذا من جهة ومن جهة اخرى فان العامل الداخلي يخشى ان هكذا قوة تملك كل اسباب البقاء ومتجذرة في العمق الجماهيري ومتسلحة بالايمان والابتعاد عن المؤثرات المادية ، فانها ستكون الان ومستقبلا بمثابة مصدر للقلق الدائم لطموحاتهم واحلامهم المختلفة وفسادهم ، ولذلك فلابد من اثارة الحملات الاعلامية والاقاويل ضد هذه القوة المتنامية القوة والكثيرة الانجازات ، فالتقى هنا المشروعين الداخلي والخارجي في عدائهم للحشد الشعبي فراحوا يعملون بخطط متطابقة للنيل من وجود الحشد وسمعته والضغط باتجاه عدم الاعتماد عليه في كثير من المهمات ،
ان الحشد الشعبي اصبح الان قوة لها وزنها في المنظومة الامنية العراقية ، وان الدولة العراقية بدون الحشد الشعبي ستبقى ناقصة القوة وناقصة لاحد اهم مرتكزات البقاء والاستمرار ونقولها بضرس قاطع ، ان الدولة بدون الحشد الشعبي ستكون كالسعفة في مهب الريح تتقاذفها موجاته بكل اتجاه ، لقد كان موقف رئيس الوزراء عادل عبد المهدي حكيما ومنصفا - مقارنة بمن سلفه- في تعامله ورعايته للحشد الشعبي ومنحه الحقوق وتنظيم شؤونه قانونيا بما يضمن له ان يكون قوة عراقية اساسية رسمية في منظومة القوى الامنية العراقية ، وهي ايضا رسالة اطمئنان وتطمين للمشككين والقلقين بان هذه القوة هي تحت سيطرة الحكومة وتخضع لاوامرها وادارتها ، وبذلك فقد ترسخ وجود الحشد الشعبي قانونيا كما ترسخ وجدانيا في نفوس العراقيين ، فاليخاف من يخاف واليقلق من يقلق بعد ذلك.
https://telegram.me/buratha