محمد كاظم خضير
من المفترض ان تؤدي الغارات الأمريكية الى زيادة التعاطف السياسين مع الحشد الشعبي ، باعتباره مستهدفا من العدو الاكبر لعراق ، لكن عدم الردّ على هذا الهجوم الأمريكي حتى كتابة هذه السطور جعل هذا التعاطف اقلّ من المتوقع، رغم شماتة بعض السياسين العراقيين وانصارهم الواضحة، وترحيب البعض بمثل هذا الغارة الأمريكية علانية.
احتمالات ردّ الحشد الشعبي ما زالت واردة، علاوة على كونها مشروعة وتصبّ في خانة الدفاع عن النفس، لكن كلما تأخر هذا الرد كلما كبر حجم الخسارة وتضخم، وتبخر، او بالاحرى تناقص عمق التعاطف السياسي والجماهيري ، وهنا تكمن معضلة الحشد الشعبي الكبرى، وحجم حالة الحرج التي يعيشها حاليا داخليا .
حلفاء الحشد الشعبي مقترون جدا في تعليقاتهم على هذا العدوان، ومقترون اكثر في كيفية الردّ عليه، وهيئة الحشد الشعبي الذي تشكل قلقا لامريكا اكبر مما تشكله حليفتها إيران ، تلتزم الصمت حاليا، والحكومة العراقية ما زال تلزم الصمت.
أمريكا تريد تحوّيل العراق لسورية اخرئ لكن هنالك إسرائيل وهنا أمريكا يبدو هنالك توزيع ادوار وتريد تحويل العراق الى حقل تجارب لاختبار فعالية الاسلحة الامريكية الحديثة، وقدرتها على التدمير، ربما تمهيدا لاستخدامها ضد ايران في حال حانت ساعة الصفر للهجوم عليها.
أمريكا بغارتها هذه على الحشد الشعبي تريد تفجير سبب للتدخل عسكري محدود في العراق الغرض منه تصفية قيادة في الحشد الشعبي ، بصورة او بأخرى، او اضعافه واحراجه في الحد الادنى، ولا نستغرب ان تلجأ واشنطن، التي قالت انها سوف تفرض عقوبات جديدة على شخصيات عراقية و هذه العقوبات هي الاخرى لتحقيق الهدف نفسه.
ندرك جيدا ان اي رد من الحشد الشعبي انتقامي قد يفتح ابواب صراع جديد ، ولذلك يتطلب هذا الرد التأني قبل الاقدام عليه.
الشيء نفسه يقال ايضا عن إيكال امر الردّ على الغارة ، والتلويح بقصف القواعد الأمريكية ، والمصالح الأمريكية.
لا نعرف حسابات الحشد الشعبي ، وما يدور في ذهن خبرائه الاستراتيجيين في الوقت الراهن، ولكن ما نعرفه ان عدم الردّ وبسرعة اخطر بكثير من اي تداعيات يمكن ان تترتب على الردّ، بالنظر الى التوظيف المرعب لعدم الرد من قبل اعداء الحشد الشعبي من السياسين ، وما اكثرهم هذه الايام، وما اقوى اساليبهم وادواتهم الدعائية.
الحشد الشعبي تصدى للداعش عام ٢٠١٤ وابلى بلاءً حسنا لأكثر من 5 سنوات من القتال ضده، استطاع دائما ان ينتصر وبقوة على داعش، رغم امكانياته المتواضعة جدا، وصواريخه شبه البدائية.
الغارات الأمريكية على الحشد الشعبي لن تتوقف، والضربات الجوية قد تتكرر غدا او الاسبوع المقبل او الشهر المقبل، واذا توقفت فإن ضربات امريكية اخرى قد تأخذ زمام المبادرة منها، فالحشد الشعبي مستهدف و سيظل هدفا امريكا، سواء تم دمجه او لم يتم دمجه.
الرد السياسي على هذا العدوان باتت غير مفيد ، والرد العسكري واجب .. ألم تُهزم امريكا في العراق وافغانستان، ولم ينجح مشروعها في ليبيا حتى الآن على الاقل؟ فلماذا كل هذا الخوف منها ومن الردّ على عدوانها
https://telegram.me/buratha