ميثم العطواني
ملفت للنظر ما تشهده الساحة السياسية وإعلان البعض تبني موقف المعارضة الذي ليس أمراً معجزاً ولا جديداً ولا اكتشافاً علمياً يتوقف العمل بمضمونه اعتماداً على نتائج التجارب المختبرية، إلا ان ما يجعل إستحالة المعارضة في بلد مثل العراق هو عدم قناعة المعارض الشروع بتطبيق ما ينبغي ان تقوم به المعارضة، والتي يفترض ان يتزامن مع التحول الى المعارضة إعلان التخلي عن جميع المناصب الحكومية بهدف مراقبة أداء الحكومة، وفي حال خلاف ذلك فهل تراقب المعارضة نفسها ؟!، وهل تنتقد أداء الوزارات والمؤسسات الأخرى التي هي من تديرها ؟!، الجواب معروف طبعا، كلا .. لإن الذي يتمسك بنظام المحاصصة ويعمل لإجله جاهداً، ولا يستطيع التخلي عن المناصب الحكومية التي تعود لحزبه، لن يجرأ على تشخيص الخطأ في الوزارة أو الهيئة أو ادنى موقع يكون ضمن حصته، فكيف له ان يجرأ على تشخيص أخطاء الآخرين !!.
المشتركات الأساسية التي تتعلق بأولئك الذين كانوا ومازالوا يقتسمون المغانم في كل شيء، تجعل في إعلانهم المعارضة ضحك على الذقون، بعد ان كان لهم حصة في الوزارة والوكلاء والسفراء والدرجات الخاصة ... ، نجدهم اليوم في أوج الصراع على منصب محافظ البصرة!!.
البصرة، تلك المحافظة التي بات السياسي ينظر لمواطنيها أرقام يجنيها في الممارسات الإنتخابية، كما ينظر المسؤول الى تطويرها مشاريع لزيادة أرصدته التي اتخمت في البنوك، هذه المحافظة التي لو حصلت على ادنى نسبة من حقها، لكان حالها في العمران حال الدول الأوربية، إلا ان آخر ما وصلت اليه من بؤس وفقر وتردي الخدمات، ليأتي من يتبجح لخدمتها.
المعارضة التي من صلب متبنياتها جمع النقاط على الحكومة، فيدينونها ويحملونها مسؤولية الأخطاء من قبيل استشراء الفساد، وانتشار المحسوبية، والعلاقات المشبوهة، والمصالح الفئوية، وانعدام تكافؤ الفرص، ومصادرة الحريات، لا ان تضع قدم مع الحكومة والقدم الأخرى تدعي في المعارضة، لا ان تترك ما ينبغي على المعارضة ان تقوم به، وتقاتل قتالاً سياسياً شرساً على منصب محافظ البصرة.
هذه العوارض وغيرها لطالما نخرت الدولة، وجعلت منها دولة أحزاب لا دولة مؤسسات، ربما تعصف عاجلاً ام آجلاً بنظام الحكم، خاصة عندما يسود الناس السخط والاستياء جراء ممارسات تستهدف مقدراتهم دون رادع قانوني أو أخلاقي.
إن ضعف مراقبة الأداء الحكومي وإنفاق الأموال وتولي المناصب، هي من المشكلات التي جعلت من البلد يراوح في خطوات ثابتة دون التقدم خطوة واحدة الى الأمام، كما دمرت معنويات الشعب الذي ظل يرزح تحت خط الفقر وهو ينظر الى حقوقه تسلب وخيراته تنهب، ولم تكن التظاهرات والوسائل الأخرى التي يمارسها احتجاجاً إلا اسلوب يضاف لاساليب متعة المسؤول والتلذذ بها، حيث يجد فيها ما تبقى من كلام كاذب يطرحه على مسامع عباد الله.
عندما تختلط المناصب والأموال والامتيازات والمنافع والملذات مع المبادئ، حينها لا يكون للمبادئ شيء يذكر، لذا على الشعب عندما تصل الأمور الى هذا الحد، ان يوحد صفوفه ويكون هو صاحب الكلمة الفصل، وعليه ان يتذكر الدستور الذي نص على ان الشعب مصدر السلطات.
https://telegram.me/buratha