محمد كاظم خضير ـ كاتب وباحث سياسي
فجأة، وبدون مقدمات، يقرر تيار الحكمة أن يقود مظاهرات في البصرة ضد قلة الخدمات في العراق . هذه المظاهرات جاءت بعد سنوات من النوم العميق من قادة الحكمة على قلة الخدمات للمجتمع العراقية التي كان هو وأتباعه جزء في ذلك، وذلك من خلال الترويج والتمكين للخطابات توفير الخدمات .
هذا التحول المفاجئ في بوصلة اهتمامات تيار الحكمة ، والذي كان بمقدار180 درجة، يبرر طرح السؤال : هل هناك أهداف غير معلنة لمسيرة البصرة ؟
الاحتمال الأول
إن هذه المظاهرات قد تكون خطوة أولى في سلسلة من الخطوات التي تهدف إلى تهيئة الأجواء لعملية "سطو" على شعار "تعزيز محاربة الفساد التي رافعها من قبله "، ورفعه كشعار للمرحلة القادمة، مع العمل على إلصاق طابع الفساد وعدم توفير الخدمات على جبين الأحزاب الإسلامية والحكومة عبد المهدي التي هو جزء منها ، والتي سيتم تقديمها في المرحلة القادمة على أنها هي الراعي الرسمي لعدم توفير الخدمات في العراق السطو على شعار "محاربة الفساد" الذي كانت يرفعه اتباع الصدر ، وبذلك الشعار تمكن سائرون من الفوز على في انتخابات ٢٠١٨، والتي تحول قادتها بفعل عملية السطو تلك إلى مجرد شلة من المفسدين . ما حدث في العام ٢٠١٨ قد يتكرر في العام ٢٠٢٢ ولكن هذه المرة مع شعار " محاربة الفساد وتوفير الخدمات ".
لقد كان أغلب العراقي على قناعة ـ بعد عقدين من حكم ـ بأن الفساد هو السبب الأبرز في معاناتهم، الشيء الذي جعل الكثير منهم يلتف حول من رفع شعار محاربة الفساد في انتخابات ٢٠١٨، وهم اليوم لن يترددوا في الوقوف مع من يرفع شعار توفير الخدمات ، خاصة وأنهم قد شاهدوا دولا تتفكك بسبب الفساد وعدم توفير الخدمات .
خلاصة القول هنا هو أن مظاهرات البصرة قد يُراد منها أن تكون نقطة بداية لتقسيم العراقيين إلى فسطاطين: فسطاط دعاة توفير الخدمات لشعب العراقي (تيار الحكمة )، وفسطاط يرعى الفساد وعدم توفير الخدمات (الحكومة والأحزاب الإسلامية ). إذا كان ذلك هو ما يُريده تيار الحكمة من مظاهرات البصرة ، فعلى الحكومة في هذه الحالة ـ أن تفشل ذلك المخطط، ولن يكون ذلك إلا من خلال التمسك القوي بشعار محاربة الفساد "، والوقوف بقوة أمام أي محاولة للسطو عليه . إن الوقوف في وجه عملية السطو هذه يجب أن يبدأ بتنظيم حملة قوية محاربة الفساد كبرى في الأيام أو الأسابيع القادمة، وأن تكون تلك الحمله بقيادة عادل عبد المهدي .
الاحتمال الثاني
قد يكون الهدف من هذه المظاهرات هو إلهاء الشعب عن ملف الدراجات الخاصة التي أثير حوله الجدل ، وقد يكون الهدف منها هو إلهاء الشعب العراقي في انتظار أن يحسم عادل عبد المهدي خياره النهائي في زيادة حصة تيار الحكمة فيها .
الاحتمال الثالث
هناك احتمال ثالث سيبقى قائما حتى وإن كان ضعيفا، وهو أن هذه المظاهرات ما هي إلا خطوة مدروسة في سبيل تعميق الشرخ بين مكونات التي تكون الحكومة ، وزرع عدم الثقة بين تلك المكونات من أجل خلق حالة من عدم الاستقرار تبرر إسقاط حكومة عادل عبد المهدي والمجيء حيدر العبادي الذي انتشرة اشاعات حول عودته من جديد الذي يعتبر افظل خيار لحكمة أو حصول على امتيازات من عبد المهدي على الأقل. نجاح هذا المخطط يحتاج إلى وجود عنصر توتير في صفوف الحكومة ، فهل ستوفر الحكومة ذلك العنصر أم أنها ستكون أكثر ذكاءً وستسارع إلى الرد من يحاول أن يلعب هذا العبة ؟
هناك قلق كبير من انخراط بعض من فئات الشعب العراقي ـ عن غير وعي ـ في مثل هذا المخطط، وقد ظهرت بوادر ذلك في ردة فعلها المجاملة التي تعاملت بها مع دعوات "الحكمة "، والذي تشير كل الدلائل بأنه سيكون في المرحلة القادمة هو عنصر التوتير في صفوف الحكومة
ـــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha