قاسم العجرش
قبل أيام تلقيت إتصالا هاتفيا من إعلامي نافذ، محسوب على (...)، الإعلامي الذي تربطني به علاقة مودة وإحترام مهنية، برغم إختلاف توجهنا السياسي، أخبرني أن (...) مطلع على ما أكتبه، وأنه منزعج جدا من تناولي إياه ولو بالأشارة، وأنه "زعلان " مني..
الحقيقة أني لم أعر بالا لهذا الأتصال، مع أني أعرف كيف سيترجم (...) زعله، لكن ما إن حل الصباح حتى وضعت زعله تحت قدمي، وشرعت بكتابة هذا العمود!
لقد توفر ما يكفي من الأسباب لإساءة الظن، بعدد كبير من الساسة المتصدين لصورة غلاف مجلتنا السياسية، وبعد أن أنفتح الفضاء الإعلامي؛ هذا ألإنفتاح الذي لم نكن موعودين به، أصبح نقد الساسة وأدائهم، هوية وهواية لكثير من الكتاب والإعلاميين، ومنهم كاتب هذا العمود!
يكفي أن عدد كتاب المقالات التي تنتقد الساسة، أو تكشف عوراتهم بلغ الآلاف، فيما الذين يكتبون منافحين عنهم، يعدون على أصابع يد واحدة، ناهيك عن أن كتابات المنافحين، أما مغلفة بثوب من الأستحياء، أو أنها مدفوعة الثمن!
في معظم الأحوال فإن إكتساب هذه الهوية، يجر على الكتاب مشكلات لا حصر لها، أشدها خطورة هو المشكل الأمني.
الكاتب الذي يمارس نقدا مباشرا لكتلة سياسية بعينها، أو لسياسي بعينه سيجعل بإرادته نفسه، هدفها سهلا لـ " صكاكة" تلك الكتلة السياسية أو ذاك السياسي..ولكم أن تتصوروا الخانق الذي يضع الكاتب نفسه فيه، أذا علمتم أن "كل" الكتل السياسية والساسة، تمتلك أو تعرف الطريق، الى من يجيدون الـ"الصك"؛ سيما بالكاتم!
ماذا يعني هذا؟!
للأجابة لابد من القول أن للموضع المطروح هنا وجهين، الأول يتعلق بمفهوم وفهم وتفهم النقد، من قبل الساسة وكتلهم السياسية، والثاني يتعلق بالكتاب والإعلاميين أنفسهم..
الوجه الأول؛ لم يتأسس فيه بعد مفهوما لتقبل النقد، ومعظم ساستنا يعتقدون بأنهم وحدهم يمتلكون مفاتيح الحقيقة، وأن ما سواهم على خطأ، وأستمعوا الى تصريحاتهم، وستكتشفون أنهم يشتركون في الأنا العالية، وشاهدوا حواراتهم في الفضائيات، فمع أن معظمها فارغ من محتوى مفيد، لكنها مليئة بعبارات الفردانية، والنظر الى الآخرين من الطابق الأعلى!
الوجه الثاني؛ متعلق بالكتاب والإعلاميين، فإن منهم من يسرف بالنقد الى حد الفحش، وبعضهم يلجأ ولفراغ كنانته، الى السباب والشتيمة، والنيل من الساسة عبر صفاتهم وحياتهم الشخصية، ومنهم ساعة يمسك بالقلم ينسى نفسه، ويطلق العنان لخياله أو لبذائته، بلا تبصر أو مسؤولية، وبالتأكيد لا أجد نفسي من هؤلاء، ولذلك لا أخشى زعل(...)!
هذا الواقع لا منتج، والمهاترات الإعلامية، يقابلها في الطرف الآخر النزق السياسي، لا يمكن أن يبنيا إعلاما نظيفا، مفيدا للعملية السياسية، بل سيكون ذلك معطلا لكل ما هو مفيد، وسيضيع المفيد في زحمة المهاترات.
كلام قبل السلام: النور لا يضر العيون السليمة!
سلام.....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha