محمد كاظم خضير ـ كاتب وباحث سياسي
بداية، يجب التوضيح أن تعبير المتصهين يعني الشخص الذي يقبل الرواية الصهيونية لاستعمار فلسطين، أو يدعو إلى قبول نتائجها أمرا واقعا من دون مقاومة، أو حتى رفض لفظي، ويجد أن المواجهة الفكرية أو القتالية أو السياسية مع الصهيونية “تعرقل” عملية التحاق العالم العربي بركب الحضارة والتمدّن والازدهار الاقتصادي، وكأن رفض الفلسطيني الاحتلال جريمة بحق الحضارة الإنسانية.
المعنى الفعلي لرسالة المتصهينين هي أن الفلسطيني وقضيته أصبحا عبئاً على الدول العربية، وكأن إسرائيل دولة مسالمة، بل وصديقة وحليفة، تضع في أولوياتها تقدّم العالم العربي، لكنها لا تستطيع القيام بمهمتها الإنسانية نتيجة مقاومة الفلسطينيين، أو عنفهم أو حتى إرهابهم، فلا فرق لديهم بين المفاهيم.
ظاهرة المتصهين العربي الذي يرحب بالتطبيع، بل ويهاجم مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، باعتبار ذلك مؤشّراً على “رفض الآخر”، و”رفض التنوع الثقافي”، ودليلاً على تخلف همجي، فالمطلوب فك ارتباط المجتمع العربي بالقضية الفلسطينية شرطا للتنوير والانفتاح على الثقافات والعالم.
تصدر عن الحكومة العراقية تصريحات غريبة هذه الايام، تصب في معظمها في مصلحة التمهيد للتطبيع مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، وتبادل العلاقات الدبلوماسية معها، تحت ذريعة ان دولا عربية اقدمت على هذه الخطوة، فلماذا يكون العراق استثناء؟
نصيحتنا لوزير الخارجية العراقية الذي باتَ هو وسفرائه رأس حربة التّطبيع واصدقاء الحميمين للإسرائيليين أن يتريّث ويُراجع حِساباتهم جيّدًا..
ارتكب ، سفير العراقي في أمريكا بالأمس ، خطيئةً كُبرى عندما يتحوّل بشكلٍ مُتسارعٍ إلى المُتحدّث باسم الحكومة العراقية باسم التّطبيع، ورأس حربته، ويخرُج عن كُل ثوابت الأمّتين العربيّة والإسلاميّة في هذا الوقت الحرِج والحسّاس الذي تقِف فيه المِنطقة على حافّة حربٍ مُدمّرةٍ ربّما تكون مملكته من أبرز ضحاياها.
في أحاديثه المُتعدّدة للصّحافة ومحطات بالَغ سفير العراق فريد ياسين في أمريكا في التقرّب إلى الإسرائيليين، والتّعاطي معهم كحملٍ وديعٍ، وخرق كُل الخُطوط الحمراء عندما أكّد على حق إسرائيل في الوجود، وقال إنّها وُجدِت لتبقى، وأنّه من الافظل إقامة علاقات أفضل معها، ولم يُوجّه أيّ كلمة نقد واحدة للاحتلال الإسرائيلي ومجازره التي ارتكبها في حق الفِلسطينيين، وتهويده للمُقدّسات العربيّة والإسلاميّة، ومُمارساتها لأبشَع أنواع التّمييز العُنصريّ ضد أهل الأرض وأصحابها الحقيقين .
نتمنّى على سفير وكُل من يعتقد من زملائه في العرب في العالم أنّ الأمّة العربيّة انهارت وتخلّت عن حُقوقها الثّابتة في فِلسطين المُحتلّة أن يتريّثوا قليلًا وأن يُراجعوا حِساباتهم بسُرعةٍ، وقبل فوات الأوان، مُستندين في تحذيرنا هذا إلى هذه الصّحوة الشعبيّة العربيّة، والالتِفاف المُشرّف حول القضيّة الفِلسطينيّة ومِحور المُقاومة.
مواقف الغالبيّة السّاحقة من أبناء الشعب العراقي جهي الرّد الأبلغ على مواقف السفير التّطبيعيّة. ، فعندما يتحول العراق إلى غابة تتعانق فيها الأعلام العراقية مع شقيقتها الفِلسطينيّة فهذا هو الرّد الحقيقيّ القويّ والبليغ على السفير ، وكل المُطبّعين العرب.
صفقة القرن لن تمُر ايها السفير ، ومشاريع الإذلال الأمريكيّة التي تصُب في مصلحة جرائم الاحتلال العنصريّ الإسرائيليّ وكُل من يُشارك في تسويقها مصيرها الفشَل والدّليل الأبرز هو عودة كوشنر عرّاب صفقة القرن مُكتئبًا وخالي الوفاض إلى واشنطن تمامًا مِثل مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ، عرّاب مُؤتمر وارسو.
كلمة أخيرة للسفير العراقي في أمريكا وكُل سفراء العراقيين في ، الذين يسيرون على نهجهك، مُلخّصها أن إسرائيل لن تحمي مناصبكم لأنّها هي التي باتت تحتاج إلى الحِماية في وقتٍ تتغيّر فيه المُعادلات السياسيّة والعسكريّة بشكلٍ مُتسارعٍ، وأنّ زمن الإملاءات الإسرائيليّة والأمريكيّة قد ولّى إلى غير رجعةٍ، والأيّام القادمة حافِلةٌ بالمُفاجآت التي ستُؤكّد ما نقول.
https://telegram.me/buratha