عبد الحسين الظالمي
المنبر الحسيني
خلصنا في الجزء الاول من مقال منبر الجمعة صنع نهضة وثورة ورسم مسار ثم صنع حشدا مقدسا؛ الى نتيجة ان منبر الجمعة كان احد الركائز التي اعتمد عليها الفكر الاسلامي بشكل عام وفكر اهل البيت بشكل خاص في رسم المسارات وتحديد الاتجاه في لحظات مصيرية في تاريخ الامة والعراق بشكل خاص.
فبين منبر جمعة الكوفة الذي اوجد نهضة ومهد لثورة ضد الطغاة الذين حاولوا استبدال فكر الامة ونزع ثوبها لتلبس ثوب الانحراف والرذيلة والالحاد بحجة المدنية وبين منبر جمعة كربلاء (من راد المزيد مطالعة المقال اعلاه) الذي صنع حشدا مقدسا ليوقف زحف تتر العصر.
وكما وعدنا اننا سوف نستعرض الركيزه الثانية التي يعتمد عليها فكر اهل البيت في نشر رسالتة للامة والعالم اجمع وهذه الركيزه هي المنبر الحسيني .
الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء، لولا ثورة الحسين وتلك النهضة الجبارة وما رافقها وتبعها من احداث وتلك الدماء الطاهرة والمظلومية العظمى والرزية الكبرى لما وصلنا نحن الاتباع من الاسلام المحمدي شىء رغم ان الله اخذ عهدا على نفسه ان يحفظ هذه الرسالة (انا نزلنا الذكر وانا له لحافظون) ولكن كيف حفظ الاسلام وكيف حفظ الذكر؟ ذلك ماتجيب عليه المقولة التي ذكرت (الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء).
المنبر الحسيني ...
تعود نشأة المنبر الى طلب السجاد الامام المعصوم وصاحب الظليمة الكبرى والذي يشكل بقاءه حكمة ربانية اريد منها استمرار رسالة المعصوم الى ان تصل الى قائم اهل البيت عج ، عندما طلب من يزيد ان يرتقي تلك الاعواد (منبر الخطابة في ذلك الوقت ) في مجلس يزيد ليعرف المجلس بحسبه ونسبه وماحدث للاهل بيته ثم تلته صاحبة المقام والرفعة المظلومة الكبرى زينب بنت الامام علي سلام الله عليها، رسول ثورة الامام الحسين وخطبتها العظيمة في مجلس يزيد، من هنا كان التاسيس للمنبر الحسيني اوجده امام معصوم ويرعاه امام معصوم .
استمر التذكير بفاجعة كربلاء على مر القرون التي مضت بين الظهور العلني وبين الاختفاء رغم حرب الطواغيت لها وكان للعلماء والخطباء شرف االارتقاء للمنبر الحسيني والتذكير بفاجعة كربلاء ونشر الفكر الاسلامي المحمدي التحرري الاصيل.
قدم المنبر نخبة من خيرة الخطباء على مر تاريخة قدم البعض منهم حياته من اجل فكر الامام الحسين ومجلسه ومن ابرز رواد هذا المنبر شيخ الخطباء وصاحب المدرسة الواسعة في هذا المجال الشيخ الوائلي رحمة الله عليه .
دور المنبر في ارسال الرساله الحسينية ...
ساهم المنبر في ايصال رسالة الثورة الحسينية التي عمل الطغاة بكل جهد في سبيل اسكات صوته وعلى العكس من ذلك فقد تعاظم ونتشر فقد عمل الطاغية صدام على محاربته بكل الوسائل واستخدم كل الطرق واعدم قوافل من رواد المجالس الحسينية وبدل ان يقضي عليه فقد ساعد بطشه على انتشار اتباع الحسين ومحبيه في كل المعمورة ليكون لمجلس الحسين مكانا في قلب اوربا وامريكا واستراليا وروسيا وافريقيا وحتى في جبال الهملايا (توجد قصة لايسع المجال لذكرها)
اذ اصبحت مسيرة عاشوراء تطوف شوراع تلك البلدان والمجالس عامره فيها .
ترتيب المجلس ....
يبدء المجلس باسلوب علمي ذكي يناغم قلوب ورواح الحظور بتذكيرهم بفاجعة القتل والسبي والظلامة الكبرى ليجعل من تلك القلوب والعقول مهيئة نفسيا بعد ان تلين وترق لتلقي ما سوف يطرحه الخطيب ثم يستهل الحديث باية قرانية او بيت شعر او احكاية لتكون محور رسالته في المجلس والتي يفترض ان اعدها واحكم مساراها بدءا وخاتمة ثم يختم المجلس بالعودة الى المصيبة ليشحن النفوس ويستلهم همتها ليسلمها للرادود الذي اعد العدة لاكمال الرساله الفكرية للمجلس مصحوبه بنوع من التضحية والتفاعل الحركي في الصوت والجسد (تريد المستهل واللطم) ليكون التاثير اكثر وابلغ.
لم يعد المجلس الحسيني محصورا بين الخطيب والحظور المباشر بل تعدى ذلك مع تطور وسائل النقل ليكون المجلس رسالة عالمية تطوف الارض والفضاء ولذلك اصبحت مسوولية الخطيب والرادود اكبر واعظم لها ما لها وعليها ما عليها فقد اصبحت رسالة امة ومذهب ودين كانت تخاطب عقول منسجمة فكريا واليوم تخاطب كون بكل افكاره .بالامس تخاطب محبين واليوم تخاطب خصوم واعداء ومتربصين .
ولكون العالم اعتمد مناهج وطرق مختلفة عن الماضي في مخاطبة الاخر والتاثير عليه كان يستخدم القوة لاجبار الاخر لرضوخ لافكاره ومناهجه ( الاستعمار) معتمدا على القوة ولاعلام والاقتصاد يساندان اما اليوم فالاعلام هو السلاح والقوة هي التي تسند ( الحرب الناعمة ) من يمتلك المال ولاعلام هو المسيطر ، لذلك اصبح دور المجلس الحسيني والذي يعد اعظم وسيلة
لنشر الفكر دورا كبيرا يجب اخذه بالحسبان دون ان يمس ذلك المنهج والاسلوب .
على الخطيب ان يدرك ان مخاطبيه ابعد من اولئك الذين يجلسون امامه وعليه ان يعد العدة لذلك ويبتعد عن التفاصيل ويعلم ان النقل لم يقتصر على الفضائيات ويطمن لذلك فكل هاتف نقال اصبح فضائية وليس كل مايعرف يقال سوى كلمة الحق التي ترفع من شأن منبر الحسين وليس التي تكثر الابتسامات بوجه الخطيب . المنبر الذي يزرع الامل ويقوم الفكر ولاخلاق ويعالج الافكار بالدليل والحجة ويرسل رسالة الحسين في عصره ليكون منارة للاحرار في فكره ومرقده و تباعه .....( كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا ) والله من وراء القصد..
ـــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha