فاطمة حسين إبراهيم
لا يخفى على العقلاء ان الاسلام هو اساس بناء الانسان السوي الخالي من العقد والرافض للخضوع والخنوع امام العثرات والكبوات وصروف الدهر ، كما إن الاسلام هو سبب سعادة الفرد وتطوره ورقيه وطموحه لبناء حياةٍ حرة وكريمة له وللأجيال القادمة .
فمذ ولد الاسلام وتفجرت ينابيع رحمته في الجزيرة العربية كان السباق في خطوات كبيرة نحو تطور الحياة المدنية والاقتصادية والسياسية بصنعة نظيفة طاهرة مستقاة من لدن حكيم خبير .
عند بزوغ شمس الحرية على ربوع تلكم المساحات الشاسعة من المعمورة (اشرقت الارض بنور ربها و وضع الكتاب ) تساوى العبد بالسيد و الامير بالخادم فساد نظام الاسلام العادل الذي حرر الانسان من قيود العبودية .
ازدهرت الحياة في شتى الميادين و استقامت الامور و تطورت جميع مرافق الدولة الاسلامية التي امتدت شرقاً وغرباً ، فأنبجست عيون المعرفة و بقرت بطون العلوم بكل صنوفها كالكيمياء والعلوم الطبية وانبرى الادب الاسلامي معطاءاً بعلمائه وشعرائه وكتابه ومثقفيه ، بالاضافة الى التطور العمراني في فن البناء والزخرفة والهندسة المعمارية والتي لا تزال آثارها الى يومنا هذا شامخة تبكي ماضيها العريق الذي اضاعته الحكومات الهزيلة والانظمة المتراخية التي اصابها الشلل و انهكها الولاة الخونة الفاسدون و النفعيون المتسلطون على رقاب المسلمين ، فعاشت الاندلس حلماً استمر لعشرات السنين ثم استيقظت على كابوس الدمار والقتل والانهيار مع بالغ الاسف فكان هذا حال الاسلام و لايزال بين ظهراني المسلمين حيث اصبح وجوده كشخص غريب و عابر سبيل مهاجر يبحث عن مأوىً يكنه من هجر الحبيب وسطوة أهل الدار .
بينما اصبحت دول الغرب وفطاحلة العقل البشري هناك يصلون الى استنتاجات عميقة من طيات ذلك الكتاب السماوي المقدس و حامله اشرف نبي و اكرم رسول وبعد بحوث علمية ودراسات فكرية مضنية و نهظوية على جميع الصعد الشخصية والمجتمعية على حدٍ سواء آخذين من افكار ديننا ما يقوم واقع بلادهم وما من شأنه ان يرفد ويزق ابنائهم بالعلم والمعرفة وينظم لديهم سير الحياة وفق نظام موحد ورصين يرتقي بطموحهم البنّاء نحو العلى والسمو و الرقي الشامل المبهر .
بعد استسلام وهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية امام الامريكان اصبحت اليابان عبارة عن خرائب وكومات كبيرة من الاحجار والتراب ، جمع الملك هيرو هيتو جمهرة من علماء التاريخ وطلب اليهم ان يبحثوا له عن امةٍ استطاعت ان تنهض في وقت قصير نسبياً ، فبحثوا و نقبوا فلم يجدوا الاّ مثالاً واحداً الا وهي ملة و امة الاسلام فقالوا له :
ان النهضة الاسلامية بدأت في دار الارقم وكانت هذه النهضة مبنية على ركائز مهمة هي (الاخلاق وحب العلم والاخلاص في العمل والجماعة) .
فكانت هذه الامور هي اهم الاسس التي بني عليها الدستور الياباني الجديد و الذي بدوره عزز روح المواطنة وحب الارض وحب العلم و العمل لدى الفرد الياباني مما جعله يسهم في بناء واعمار ما دمرته الحرب القاسية ، حيث طبقت هناك قاعدة ( حب الاوطان من الايمان) والتي تعد واحدة من اهم ركائز الاسلام .
إن هذه الالتفاتة من رجلٍ ساءه ان يرى بلده مدمراً قد اتت عليه نيران الحرب واحالته الى اطلال، كانت نابعة من حبه لأرضه و مسقط رأسه بحيث جعلته يتجرد من حب الانا وقالياً للبكاء والعويل على الماضي العريق متطلعاً الى البناء والاعمار والتطور مستعيناً بأفكار الحضارات الاخرى الناصحة و التي من شأنها ان تقوم الواقع المر والمأساوي جراء الحرب معتمداً على سواعد ابناء البلد ذاتهم ، فحدثت الطفرة النوعية والكمية العظيمة التي جعلت من اليابان كوكباً آخر يجاور كرتنا الارضية .
وفي الجهة المقابلة تنازل المسلمون على الفطرة عن مباديء دينهم الواضح وحادوا به الى ما تستهويه رغباتهم وتطلعاتهم الفردية واحاطوه بسحبٍ من التشاؤم و الزيف فحرفوا الكلم عن مواضعه وأخذوا يتسابقون في تقطيع أوصاله شرقاً وغرباً تلبية لطموح المغرضين والمفسدين من دعاة الصهينة الاسلامية والغربنة الدينية ، ملوحين لهم بالقناطير المقنطرة من الذهب الفضة والخيل المسومة التي استدرت لعاب وعاظ السلاطين والعصاة المردة من الملتحين قصيري اللباس .
لقد اصبحوا اداةً طيعةً لتنفيذ اجنداتٍ صهيو أمريكيةفأمسوا كالأنعام بل هم اظل سبيلاً ، في ظل تلكم الدراهم والتضليل الفكري والعقائدي والتحريف في معاني رسالة الوحي والتأويل الزائف لكلام النبي ص اصبح الاسلام على حد قول الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه عصفوراً على شجرة فأدخلوا الاسلام في متاهاتٍ افعوانيةٍ لا يعرف لها اول ولا آخر ودسوا فيه بسجلاتٍ مزيفةٍ تكاد لا تخلوا من الكفر والافتراء لأبعاد الناس عن جادته السمحاء ولكي تتناغم مع افكار اسيادهم واولياء نعمتهم ولتنفيذ خططهم الشيطانية الشنيعة البشعة فحرفوا الكثير الكثير من صفحاته المشرقة السمحاء .
فحرموا وحللوا واستباحوا الاعراض واوغلوا بدماء العباد و تفننوا في قتل النفس التي حرم الله الاّ بالحق وتنازلوا عن اسمى دين يحمل اسمى وأرقى المباديء الحقة والانظمة العادلة التي تظمن حق العيش بكرامة لكل البشرية تحت سماء الله الواسعة وتفتح ابواب الخير والسعادة والتطور على مصراعيها في وجه العباد وتقويم البلاد ، استأثروا بخزيٍ في الدنيا والعذاب في الآخرة فكانوا كالكلب إن تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث فأباحوا اسلامنا للغرباء ليتقدموا ويتنعموا على حساب دمائنا وانّاتنا وتقطيع اوصالنا .
فأين كانوا وأين كنا؟!
https://telegram.me/buratha