قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
دعونا نذهب الى إسترجاع تاريخي، ليس بقصد المقايسة، ولكن بغية إستكناه الحقائق أولا، وتَبَيُن مواضع أقدامنا في مثل هكذا موضوع، يراه بعض شائكا حساسا، ونراه واضحا وضوح الشمس، عكس ما يرونه، لأننا نفكر بنوايا سليمة، فيما تنطوي نواياهم؛ على خبث وشكوك مفتعلة.
حينما قامت الثورة الإسلامية في إيران، بقيادة الإمام الراحل السيد الخميني "رض"، كان عماد القوات المسلحة الإيرانية هو الجيش الإيراني، وكان السافاك (جهاز الأمن )، هو القوة الرئيسية التي تمسك بيد من حديد سلطة الشاه، والى جانب هاتين القوتين الرئيسيتين، كانت أجهزة أمنية خدمية أخرى؛ تؤدي مهامها الروتينية.
عندما قامت الثورة وانتصرت، تم تحييد الجيش أولا بكفاءة وعقلانية، وما لبث أن تحول بعد تطهيره من قياداته الشاهنشاهية، الى عنصر إيجابي في مستقبل إيران، ليمارس دوره الوطني المطلوب، وعلى نفس الشاكلة؛ أستمرت الأجهزة الأمنية الخدمية تمارس مهامها، بعد حملة تطهير مماثلة، لكن الثورة كانت بحاجة الى من يحميها أولا، والى من ينفذ أهدافها وبرامجها على الأرض ثانيا، والى من يحولها الى ثورة دائمة؛ تبني أمة وليس سلطة، وهكذا أنبثق الحرس الثوري الإسلامي، من بين صفوف الجماهير الثائرة.
لقد كان تشكيل الحرس الثوري حاجة ملحة، وكان معلوما لقادة الثورة ورجالها وللجماهير ايضا، أنه إذا لم يكن للثورة أداتها القوية، التي تتحمل مسؤولية تأمينها وتنفيذ أهدافها، فإنها ستتحول من ثورة، الى بُركة دماء كبيرة، سرعان ما تجف ويتم طمرها، وهكذا حولت الثورة بُركة الدماء، الى بستان يانع الثمار، ما يزال يطرح عطاءه كل حين.
كان من المتعين علينا نحن العراقيين، أن نستفيد من دروس الآخرين، ونبني قوة تحمي التغيير الكبير؛ الذي جرى في نيسان 2003، وكان يفترض بنا أن نعي الأخطار التي تحيق بنا جيدا، لكن وكعادتنا الأبدية في تحسس الأخطار متأخرين، لم ننهض إلا بعد أن وقع الفأس بالرأس، في حزيران 2014، حينما سقطت مدننا الكبرى ومحافظاتنا، بيد البعثيين الدواعش بشكل متسارع؛ حتى أقترب الخطر خلال أيام قليلة من بغداد العاصمة..
صحيح أن بعض القوى الوطنية الإسلامية تحسست الخطر باكرا، ونظمت صفوفها قبل سقوط الموصل بسنوات، لكن فعلها لم يكتسب زخما واسعا، إلا بعد سقوط الموصل وطرق الإرهاب أسوار بغداد، ولقد كنا بحاجة الى؛ فتوى المرجعية الدينية المباركة بالجهاد، وكان الحشد الشعبي الإطار العملي لتنظيم صفوفنا.
الحشد الشعبي ضرورة لحماية مستقبلنا ومستقبل أولادنا، وأي دعوة لإلغاءه أو دمجه بالمؤسسات العسكرية الأخرى، تعني تجفيف بُركة دم الشهداء وردمها، دفن أهدافنا بعراق تسوده قيم الكفاية والعدل، ويتعين علينا أن نفهم؛ بأن أهداف المؤسسات العسكرية مختلفة، كثيرا عن أهداف الحشد الشعبي، وإن كانت تلتقي بالعنوان العام.
أهداف المؤسسات العسكرية والأمنية؛ تتمثل بحماية إستقلال البلد وسيادته وتأمين حدوده، وحفظ الأمن العام، والسهر على تطبيق القوانين، فيما أهداف الحشد الشعبي، تتمثل بالضرورات التي أشرنا اليها.
كلام قبل السلام: بعضهم يريد أن يقول شيئا، فَيُقَوِلُ الآخرين ما يريد قوله! يتمنى شيئا، فيقول أن غيره تمناه! الذي في قلبه يظهر على لسانه تورية، هذا هو حال ساسة كبار في العراق، تجاه دور الحشد الشعبي القادم، في مستقبل العراق والمنطقة..
سلام..
https://telegram.me/buratha