المقالات

الإصلاح السياسي والإداري على الطريقة العلوية ـ الجزء الثالث  


طيب العراقي

 

هذا بحث من ثلاثة أجزاء، سنتناول فيه الطريقة التي عالج فيها الإمام علي عليه السلام؛ بعدما آلت اليه الأمور، دولة حديثة التشكل، لكنها واجهت بعد إرتحال مؤسسها الرسول  وعلى آله وسلم.. نضع هذا البحث بيت أيدي المعنيين، علهم يجدون فيه هديا لبوصلتهم التي فقدت الإتجاه..

ـــــــــــــــ

تناولنا في الجزئين الأول والثاني ، قيام الإمام عليه السلام، بعد أن آلت اليه الأمور بحملة لتطهير أجهزة الدولة من الفاسدين والمفسدين، ثم تأميم الأموال المختلسة، وتحدثنا عن لوعته على الأمة، وقيام نفر من العثمانيين بالتمرد على سلطاته الدستورية، وسنتاول في هذا الجزء، الإجراءات الأخرى التي أتخذها، لترصين دولة العدل الإلهي، وتصحيح الإنحراف. وتصحيح السياسات  المالية

ثانياً: السياسة الداخلية:

عنى الإمام (عليه السلام) بإزالة جميع أسباب التخلف والانحطاط، وتحقيق حياة كريمة يجد فيها الإنسان جميع متطلبات حياته، من الأمن والرخاء والاستقرار، ونشير فيما يلي إلى بعض مظاهرها:

1 - المساواة: وتجسّدت فيما يأتي:

أ - المساواة في الحقوق والواجبات.

ب - المساواة في العطاء.

ج - المساواة أمام القانون.

وقد ألزم الإمام (عليه السلام) عُمّاله وَوُلاته بتطبيق المساواة بين الناس على اختلاف قوميّاتهم وأديانهم.

فيقول (عليه السلام) في بعض رسائله إلى عماله: (واخفضْ للرعيّة جناحك، وابسط لهم وجهك، وأَلِنْ لهم جنابك، وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة، والإشارة والتحية، حتى لا يطمع العظماء في حيفك، ولا ييأس الضعفاء من عدلك).

2 - الحرية:

أما الحرية عند الإمام (عليه السلام) فهي من الحقوق الذاتية لكل إنسان، ويجب أن تتوفر للجميع، شريطة أن لا تستغلّ في الاعتداء والإضرار بالناس، وكان من أبرز معالمها هي الحُرّية السياسية.

ونعني بها أن تُتَاح للناس الحرية التامة في اعتناق أي مذهب سياسي دون أن تفرض عليهم السلطة رأيا معاكساً لما يذهبون إليه.

وقد منح الإمام (عليه السلام) هذه الحرية بأرحب مفاهيمها للناس، وقد منحها لأعدائه وخصومه الذين تخلفوا عن بيعته.

فلم يجبرهم الإمام (عليه السلام)، ولم يتخذ معهم أي إجراء حاسم كما اتخذه أبو بكر ضده حينما تَخلّف عن بيعته.

فكان الإمام (عليه السلام) يرى أن الناس أحرار، ويجب على الدولة أن توفر لهم حريتهم ما دام لم يخلوا بالأمن، ولم يعلنوا التمرد والخروج على الحكم القائم.

وقد منح (عليه السلام) الحرية للخوارج، ولم يحرمهم عطاءهم مع العلم أنهم كانوا يشكلون أقوى حزب معارض لحكومته.

فلما سَعوا في الأرض فساداً، وأذاعوا الذعر والخوف بين الناس انبرى إلى قتالهم حفظاً على النظام العام، وحفظاً على سلامة الشعب.

ثالثاً: الدعوة إلى وحدة الأمة:

وجهد الإمام كأكثر ما يكون الجهد والعناء على العمل على توحيد صفوف الأمة ونشر الأُلفة والمحبة بين أبنائها.

واعتبر (عليه السلام) الأُلفة الإسلامية من نعم الله الكبرى على هذه الأمة.

فيقول (عليه السلام): (إنّ الله سبحانه قد امتَنّ على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي ينتقلون في ظلها، ويأوون إلى كنفها، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة، لأنها أرجح من كل ثمن، وأجلُّ من كل خطر).

فقد عنى الإمام (عليه السلام) بوحدة الأمة، وتبنّي جميع الأسباب التي تؤدي إلى تماسكها واجتماع كلمتها، وقد حافظ على هذه الوحدة في جميع أدوار حياته.

فقد ترك (عليه السلام) حَقّه وسَالَم الخلفاء صِيانة للأمة من الفرقة والاختلاف.

رابعاً: تربية الأمة:

لم يعهد عن أحد من الخلفاء أنه عنى بالناحية التربوية أو بشؤون التعليم كالإمام (عليه السلام)، وإنما عنوا بالشؤون العسكرية، وعمليات الحروب، وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية، وبسط نفوذها على أنحاء العالم.

وقد أولى أمير المؤمنين (عليه السلام) المزيد من اهتمامه بهذه الناحية، فاتخذ جامع الكوفة معهداً يلقي فيه محاظراته الدينية والتوجيهية.

وكان (عليه السلام) يشغل أكثر أوقاته بالدعوة إلى الله، وإظهار فلسفة التوحيد، وبَثّ الآداب والأخلاق الإسلامية مستهدفا من ذلك نشر الوعي الديني، وخلق جيل يؤمن بالله إيمانا عقائدياً لا تقليدياً.

فقد كان الإمام (عليه السلام) المؤسس الأعلى للعلوم والمعارف في دنيا الإسلام، وقد بذل جميع جهوده على إشاعة العلم ونشر الآداب والثقافة بين المسلمين، وكان دوماً يذيع بين أصحابه قوله: (سَلوني قَبلَ أن تفقدوني، سَلوني عن طُرق السَّماء، فإني أبصَرُ بها من طُرُق الأرض).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك