علي الطويل
كتبت مقالا بعد سقوط النظام البائد لاحدى الصحف المحلية العراقية ، وكانت هذه الصحيفة قد نشرت لي سابقا عدة مقالات على صفحاتها ، وكان عنوان المقال عبارة عن نص مستعار وتحته متن ينسجم معه والعنوان كان ( ليس بالخبز وحده يحيى الانسان) . وقد كتبت فيه كيف ان الدول والانظمة والحكومات تضع في اولوياتها الاولى تربية المجتمع وتنمية اخلاقه وتجسيد المبادئ الحقة ، وروح المواطنة واساليب التعامل الحسنة ، واشاعة روح الحوار والتسامح والابتعاد عن الشتائم والكلام النابي ، وبعيدا عن ما آل اليه المقال اذ لم تنشره تلك الصحيفة استثناء من جميع مقالاتي الاخرى ، استشعرت وضننت في داخلي، وكعادة العراقي الشك في كل شيء، ان الجهة العائدة لها تلك الصحيفة ليس لها اهتمام بقضية التربية ولا اصلاح المجتمع ، ومرت الايام وظهر ان ضني كان صحيحا ،
فالدول المتحضرة والتي تريد بناء مجتمع منتج تترسخ لديه روح الوطنية والعزة ، تلجأ اولا الى بنائه بناء حضاريا خلاقا وتركز على تربيته واخلاقه اولا ، فتبني الانسان قبل ان تشيد العمران ، لان بناء الانسان بالشكل الصحيح سينتج عنه بناء البلدان بالشكل الصحيح ، وفي العراق وبعد سقوط النظام ، والانفتاح الثقافي الذي حدث في العراق بعد عقود من العزلة الثقافية ، ودخول سيل كبير من التيارات المختلفة فيها الغريب والمنحرف والسيء ، فقد احدث ذلك هزة عنيفة ظهرت اثارها على البناء الثقافي والاخلاقي للمجتمع بشكل واضح ، حيث ظهرت سلوكيات غريبة لدى افراد المجتمع وبعيدة كل البعد عن الاخلاق العربية والاسلامية التي عرف بها المجتمع العراقي على طول تاريخه ، وعزز ذلك سهولة الحصول على المعلومة ايا كانت ، غثة او سمينة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي اضحت بصماتها واضحة على بناء اخلاق المجتمع والابتعاد عن عاداته وتقاليدة الموروثة واخلاقه الاصيلة ، ومع غياب الثقافة البديلة ظهرت اثار ذلك بشكل جلي في سلوكيات الناس وخاصة الشباب .
ولقد شخصت المرجعية الدينية ، بالنظر لحرصها ورعايتها الابوية لهذا المجتمع ودورها في النصح والرشاد والتوعية ، شخصت هذا الامر وبدقة ونبهت الى تاثيراته الكبرى على التربية العامة والاخلاق الاجتماعية والدينية ، ووضعت يدها وبدقة على اسباب ذلك وهي وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بك والانستغرام وغيرها ، وبغياب الدور الحكومي فانها القت بالمسؤولية على عاتق الاسرة والمجتمع في رعاية الشباب وتحصينهم من الانحراف ومن اتباع الاساليب والسلوكيات الغير صحيحة عبر تاثرهم بمواقع التواصل الاجتماعي وما يعرض فيها ، وخاصة مسالة الكلام الفاحش والسباب والشتيمة ، فانها ظاهرة بعيدة كل البعد مبادئ ديننا واسس اخلاقنا ، وشخصت المرجعية ان الشباب والشابات يهدرون اوقاتهم وجهودهم وخاصة في اوقات العطل في متابعة غير النافع ومتابعة مايضر بثقافتهم واخلاقهم ، ان توجيه اولويات الاهتمام بالنسبة للشباب وتنبيههم لمخاطر مايتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي تقع اولا على عاتق الاسرة ، وبناء المجتمع تربويا واخلاقيا كذلك يتطلب تظافر الجهود وتلاحمها من اجل ذلك ، فالمدرسة مكمل لدور الاسرة ، والفعاليات الاجتماعية الاخرى لها دورها ايضا في ذلك ، ويقع الدور الاكبر على عاتق الدولة في توفير سبل اشغال الشباب بالنافع والمفيد لبنائه بناء صحيحا ، عبر توفير الملاعب والساحات الرياضية والمنتديات الثقافية والمكتبات العامة وغيرها ، فبناء الانسان بشكل صحيح ينعكس بشكل مباشر على بناء البلد وتطوره
https://telegram.me/buratha